للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا والحمار معروف، يكون وحشيّا، ويكون أهليّا، وأنثاه: أتان، ويقال: حمارة أيضا، ويجمع على حمير، وحمر، وحمور، وحمرات، وكلّها للكثرة، ويجمع جمع قلّة على أحمرة، قال الرّاعي النّميري، أو القتال الكلابي، وهو الشّاهد رقم [٣٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]

هنّ الحرائر، لا ربّات أحمرة... سود المحاجر، لا يقرأن بالسّور

ولفظ {الْحَمِيرَ} ورد في سورة (النّحل)، وفي سورة (لقمان) ولفظ {حُمُرٌ} ورد في سورة (المدثّر)، ولفظ المفرد ذكر في هذه السورة والحمار الأهلي يوصف بالهداية إلى سلوك الطرقات التي مشى فيها، ولو مرّة واحدة، وبحدّة السمع، وللناس في مدحه وذمّه أقوال متباينة، وقد أطال الدّميري الكلام فيه.

بعد هذا اذكر: أن بني إسرائيل لمّا بالغوا في الفساد؛ سلّط الله عليهم بختنصر البابلي ملك الفرس، فسار إليهم في ستمائة ألف راية، فخرّب بيت المقدس الذي بناه سليمان على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وجعل بني إسرائيل أثلاثا: ثلثا قتله، وثلثا أقرّه بالشام، وثلثا سباه، وكان هذا الثلث مائة ألف فقسمه بين الملوك الذين كانوا معه، وكان عزير من جملة السّبي، فلمّا خلص من السبي، وجاء إلى بيت المقدس، ورآها على تلك الحالة، قال: أنّى يحيي هذه الله بعد موتها؟ وكان راكبا على حمار، دخلها، وطاف بها فلم ير أحدا، وكان إذ ذاك غالب أشجارها حاملا ثمره، فأكل من الفاكهة، واعتصر من العنب، فشرب منه، وجعل فضل الفاكهة في سلّة، وفضل العصير في زقّ أو ركوة، ثم ربط حماره بحبل قوي وثيق، وألقى الله عليه النوم، فلمّا نام نزع روحه، وأمات حماره، وبقي عصيره وتينه المعبّر عنه بالطعام عنده، وذلك ضحى، ومنع لحمه من السّباع، والطير.

فلما مضى من وقت موته سبعون سنة أرسل الله ملكا من الملائكة إلى ملك من ملوك فارس، يقال له: بوشك، وكان صالحا، وقال له: إن الله يأمرك أن تنفر بقومك، فتعمر بيت المقدس، حتى يعود كما كان، فسار بجنوده حتى أتاه، فعمره، وصار أحسن ما كان، ورد الله من بقي من بني إسرائيل إلى بيت المقدس ونواحيه، فعمروه في ثلاثين سنة، وكثروا أحسن ممّا كانوا، وأعمى الله العيون عن العزير هذه المدّة، فلم يره أحد، فلما مضت المئة أحيا الله تعالى منه عينيه، وسائر جسده ميت، ثمّ أحيا الله تعالى جسده، وهو ينظر، ثم نظر إلى حماره، وعظامه بيض متفرقة، فسمع صوتا من السّماء: أيتها العظام البالية! إنّ الله يأمرك أن تجتمعي، فاجتمع بعضها إلى بعض، ثم نودي: إنّ الله يأمرك أن تكتسي لحما وجلدا، فكان كذلك، ثم نودي: إنّ الله يأمرك أن تحيا، فقام الحمار بإذن الله، ثم نهق. انتهى. خازن.

هذا وقال الأعمش: جعل الله عزيرا موضع آية: أنّه جاء شابّا على حاله يوم مات، فوجد الأبناء والحفدة شيوخا، وروي عن عليّ-رضي الله عنه-: أنّ عزيرا خرج من أهله، وخلّف امرأته

<<  <  ج: ص:  >  >>