حاملا، وله خمسون سنة، فأماته الله مائة عام، ثم بعثه، فرجع إلى أهله، وهو ابن خمسين سنة، وله ولد من مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه بخمسين سنة، وروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنه قال: لمّا أحيا الله عزيرا ركب حماره، فأتى محلّته، فأنكر الناس، وأنكروه، فوجد في منزله عجوزا عمياء كانت أمة لهم، خرج عنهم عزير، وهي بنت عشرين سنة، فقال لها: هذا منزل عزير؟ فقالت:
نعم، ثمّ بكت، وقالت: فارقنا عزير منذ كذا، وكذا سنة، قال: فأنا عزير، قالت: إن عزيرا فقدناه منذ مائة سنة، قال: فالله أماتني مائة سنة، ثم بعثني، قالت: فعزير كان مستجاب الدّعوة للمريض، وصاحب البلاء، فيفيق، فادع الله يرد عليّ بصري! فدعا الله، ومسح على عينيها بيده، فصحّت مكانها كأنّها نشطت من عقال: قالت: أشهد أنّك عزيز، ثم انطلقت إلى بني إسرائيل، وفيهم ابن العزير شيخ ابن مائة وثمانية وعشرين سنة، وبنو بنيه شيوخ، فقالت: يا قوم! هذا عزير: فأقبل إليه ابنه مع الناس، وقال: كان لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه، فنظرها فإذا هو عزير.
وقيل: لما رجع عزير إلى قريته، وكان بختنصر قد أحرق التّوراة، فكان يحفظها في صدره، فلمّا قال لهم: أنا عزير، فلم يصدقوه، فقال: أنا عزير، وقد بعثني الله إليكم لأجدّد لكم توراتكم، قالوا: فأملها علينا، فأملاها عليهم من ظهر قلبه، فقالوا: ما جعل الله التوراة في قلب رجل بعد ما ذهبت إلا أنّه ابنه، وانظر ما ذكرته في سورة (التوبة) رقم [٣٠].
تنبيه: قاتل الله اليهود أنى يؤفكون، فقد حدثهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بأحاديث ما هو من صميم عقائدهم، وبأمور من تاريخهم، وبأشياء كثيرة من مفاسدهم، لا يعلم ذلك إلا المهرة فيهم، والنبي صلّى الله عليه وسلّم كان أميّا لا يقرأ ولا يكتب، ولم يتصل بواحد من علمائهم، فمن أين أتى بذلك؟ إن هو إلا وحي يوحى.
خاتمة بل فائدة: لم يحفظ التوراة غيبا سوى أربعة: موسى وهارون، ويوشع بن نون وعزير، بينما يوجد من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم في كل زمان الألوف من حفظة القرآن غيبا والحمد لله!.
الإعراب:{أَوْ:} حرف عطف. {كَالَّذِي:} الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب، انظر تقديره في الشرح، والكاف مضاف، و (الذي): اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وقيل: الكاف صلة، و (الذي) معطوف على مثله في الآية السابقة، انظر الشرح أيضا. {مَرَّ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الذي) وهو العائد، والجملة الفعلية صلته، لا محل لها، {عَلى قَرْيَةٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {وَهِيَ:} الواو: واو الحال. ({هِيَ}): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {خاوِيَةٌ:} خبر المبتدأ، وفاعله مستتر فيه. {عَلى عُرُوشِها:} متعلقان ب {خاوِيَةٌ،} و (ها) في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية في محل نصب حال من {قَرْيَةٍ،} وهي نكرة، وكان الواجب أن تكون صفة على القاعدة:«الجمل بعد النكرات صفات، وبعد المعارف أحوال» والمعارض في ذلك الواو، فإنّها لا تعترض بين الصّفة والموصوف، خلافا للزمخشري وأبي البقاء، وإنما توسّطت الواو في رأي الزمخشري لتأكيد لصوق