للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء بلفظ الإيتاء، وهو المناولة، فإن معناه الأمر بدليل قوله تعالى: {وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فقابله بالنهي، ولا يقابل النهي إلا بالأمر، والدليل على فهم ذلك ما ذكرناه قبل مع قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتكم بأمر؛ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء؛ فاجتنبوه». أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة-رضي الله عنه-.

وعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: أنه قال: «لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن، المغيّرات خلق الله». فبلغ امرأة من بني أسد، يقال لها: أم يعقوب، وكانت امرأة تقرأ القرآن، فأتته، فقالت: ما حديث بلغني عنك؟ قلت: كذا، وكذا، وذكرته. فقال عبد الله-رضي الله عنه-: (وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو في كتاب الله تعالى) فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحيه، فما وجدته فقال: إن كنت قرأته؛ فقد وجدته، أما قرأت: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} قالت: بلى! قال: فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عنه. هذا؛ وخذ قوله تعالى في كثير من الايات: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}.

هذا؛ والوشم: غرز العضو من الإنسان بالإبرة، ثم يحشى بكحل، ونحوه. والواشمة: هي التي تفعل ذلك. والمستوشمة: هي الطالبة أن يفعل بها ذلك. والنامصة: هي التي تنتف الشعر.

والمتنمصة: هي التي تطلب أن يفعل بها ذلك. والمتفلجة: هي التي تتكلف تفريج ما بين ثناياها بصناعة. هذا؛ وفي كتاب «الترغيب والترهيب» للحافظ المنذري أحاديث كثيرة في ترهيب الواصلة، والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة، والنامصة، والمتنمصة، والمتفلجة، وكلها مرفوعة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن أسماء بنت أبي بكر، وابن عمر، وابن عباس، وعائشة-رضي الله عنهم أجمعين-. هذا؛ ولا تنس المقابلة بين {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وبين {وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.

الإعراب: {ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ:} {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية صلتها، والعائد محذوف، التقدير: الذي أفاءه الله على رسوله. هذا؛ وإن اعتبرت {ما} شرطية، فهي مفعول به أول، والفعل {أَفاءَ} فعل شرطها. {مِنْ أَهْلِ:}

متعلقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف العائد على {ما} على اعتبارها موصولة، أو منها نفسها؛ إن كانت شرطية، و (من) بيان لما أبهم فيها على الوجهين، وهناك مضاف محذوف، انظر تقديره في الشرح، و {أَهْلِ} مضاف {الْقُرى:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {فَلِلّهِ:} (الفاء): واقعة في جواب (ما) على اعتبارها شرطية، وصلة على اعتبارها موصولة. (لله): متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: فهو لله، والجملة الاسمية في محل جواب الشرط، أو في محل رفع خبر (ما) على اعتبارها موصولة، وجملة:

{ما أَفاءَ اللهُ} تفسير لسابقتها، أو هي بدل منها، ولذا لم تقترن بعاطف، وانظر ما ذكرته في سورة (يس) رقم [٢١]. {وَلِلرَّسُولِ:} الواو: حرف عطف. (للرسول): معطوفان على ما قبلهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>