للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم الجمعة. وأفضل الليالي على الإطلاق ليلة المولد الشريف لما ترتب على ظهوره صلّى الله عليه وسلّم فيها من النفع العميم، وعند الإمام أحمد: أن يوم الجمعة أفضل الأيام مطلقا حتى من يوم عرفة، وأن ليلته أفضل الليالي مطلقا؛ حتى من ليلة القدر.

والحاصل: أن أفضل الأيام عندنا يوم عرفة، ثم يوم الجمعة، ثم يوم عيد الأضحى، ثم يوم عيد الفطر، وأن أفضل الليالي عندنا ليلة المولد الشريف، ثم ليلة القدر، ثم ليلة الجمعة، ثم ليلة الإسراء، وهذا بالنسبة لنا، وأما بالنسبة له صلّى الله عليه وسلّم فليلة الإسراء أفضل الليالي؛ لأنه رأى ربه فيها بعيني رأسه على الصحيح، والليل أفضل من النهار. انتهى. بيجوري.

هذا؛ وجاء في حاشية الجمل على الجلالين ما يلي: قال الشيخ الرحماني في حاشيته على التحرير: والحاصل: أن أفضل الليالي ليلة المولد، ثم ليلة القدر، ثم ليلة الإسراء، فعرفة، فالجمعة، فنصف شعبان، فالعيد. وأفضل الأيام يوم عرفة، ثم يوم نصف شعبان، ثم الجمعة، والليل أفضل من النهار. انتهى.

أقول: ما ذكروه من تفضيل ليلة المولد لم يرد نص صريح فيه، وأقوى نص ورد إنما هو في ليلة القدر، وهو نص القرآن، كما هو معروف؛ حيث وصفها الله في أول سورة (الدخان) بالبركة، وبأنها يفرق فيها كل أمر حكيم، وأنزل الله تبارك وتعالى سورة كاملة تبين فضلها، وشرفها، والنبي صلّى الله عليه وسلّم نوه بشأنها في الأحاديث الصحيحة كثيرا، ولم يرد بشأن ليلة المولد الشريف حديث صحيح ينوه بشأنها، أو يحث على نوع من أنواع العبادات، والطاعات فيها، وما ذكره البيجوري وغيره من تفضيلها على ليلة القدر وغيرها، لم يكن غير اجتهاد منه، فكيف نأخذ باجتهاده، ونترك النصوص الصحيحة الصريحة، والرسول صلّى الله عليه وسلّم بين لنا الليالي الفاضلة، والأيام الشريفة، وحثنا على فعل الخير قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى. جزاه الله عنا خير الجزاء!.

وقال محمد علوي المالكي المكي الحسني: بعد كلام طويل: والحاصل: أننا نعتقد: أن هذه المفاضلة هي بين ليلة المولد الحقيقي، وبين ليلة القدر، وأن الليلة التي وقع فيها المولد النبوي، والتي جرى فيها بحث المفاضلة، والمقارنة قد مضت، وانتهت، ولا وجود لها اليوم، أما ليلة القدر، فهي موجودة، ومتكررة في كل عام، ولذلك فهي أفضل الليالي، لقول تعالى في سورة (القدر): {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.

ثم نقل كلام ابن تيمية وابن القيم بشأن المفاضلة بين ليلة القدر، وليلة الإسراء، وهو:

أما القائل بأن ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، فإن أراد به أن تكون الليلة التي أسري فيها بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، ونظائرها من كل عام أفضل لأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم من ليلة القدر بحيث يكون قيامها والدعاء فيها أفضل منه في ليلة القدر؛ فهذا باطل، لم يقله أحد من المسلمين، وهو معلوم الفساد بالاطراد من دين الإسلام، وإن أراد الليلة المعينة التي أسري فيها بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وحصل له

<<  <  ج: ص:  >  >>