في صلاة عبدي، فإن كانت تامة؛ كتبت تامة، وإن كانت ناقصة؛ يقول: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع. ثم يقول: انظروا هل زكاته تامة؟ فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن كانت ناقصة يقول: انظروا هل لعبدي صدقة؟ فإن كانت له صدقة تمّت زكاته». رواه أبو يعلى.
ويمكن قياس الصيام، والحج على الصلاة، والزكاة، والمراد بالتطوع: النوافل، والسنن؛ التي يفعلها المسلم زيادة على الفرائض، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم جزاه الله عنا خير الجزاء، وجزاه الله عنا ما هو أهله سنّ لنا السنن ورغبنا في التطوع حبا منه في زيادة الخير لنا، وتكثير حسناتنا، وخذ ما يلي:
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه خمس مرات هل يبقى من درنه شيء». قالوا: لا يبقى من درنه شيء! قال:
«فكذلك مثل الصّلوات الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا». رواه الستة ما عدا أبا داود.
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} أي: في أموالهم نصيب معين فرضه الله في أموالهم، وهو الزكاة؛ التي فرضها الله في أموال الأغنياء للفقراء والمساكين، فالله يقول في حديث قدسي:
«الأغنياء وكلائي، والفقراء عيالي، فإذا بخل وكلائي على عيالي؛ أذقتهم عذابي، ولا أبالي».
ويقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر ما يسع فقراءهم، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا، وعروا إلاّ بما يصنع أغنياؤهم، ألاّ وإنّ الله سيعذّبهم عذابا أليما، ويحاسبهم حسابا عسيرا». ونحن لو تأملنا حق التأمل في هذا الحديث؛ لوجدنا أن مسؤوليتنا كبرى أمام دولة الفقراء، وأن إهمالهم يجر إلى شر مستطير في الدنيا، وفي الآخرة، أما في الدنيا فإن الفقراء إذا رأوا في الأغنياء شحا مطاعا، وبخلا سائدا، فإنهم يبغضونهم، ويتمنون هلاك المال الذي بأيديهم. وأما في الآخرة؛ فإن الفقير الجائع، والمسكين العاري سيتعلق بالغني، ويأخذ بتلابيبه، ويقول: يا رب هذا الغني البخيل أغلق بابه دوني، ومنعني عطفه، فخذ لي يا رب بحقي منه! فلا يتركه حتى يوجب له النار.
روى الطبراني عن أنس-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة، يقول الفقير: يا رب هذا الغني منعني حقي، وحرمني. فيقول الله عز وجل:
وعزتي وجلالي لأدنينكم ولأبعدنّهم». ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.
{لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ:} السائل: هو الذي يسأل الناس لفاقته، و (المحروم) هو الذي حرم المال لسبب من الأسباب. وأظهر الأقوال فيه: أنه العفيف المتعفف ذو العيال؛ لأنه قرن بالسائل، والمتعفف لا يسأل، ولا يكاد الناس يعطون من لا يسأل، وإنما يفطن له متيقظ، قال تعالى في سورة (البقرة) [٢٧٣]: {لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي}