للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما في السموات السبع موضع قدم، ولا شبر، ولا كفّ؛ إلا وفيه ملك قائم، أو ملك ساجد، أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة؛ قالوا جميعا: سبحانك! ما عبدناك حق عبادتك؛ إلا أنا لم نشرك بك شيئا».

أخرجه الطبراني. وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: إن من السموات سماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك، أو قدماه قائم، ثم قرأ: {وَإِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} سورة (الصافات).

{وَما هِيَ} أي: وما هذه النار التي هي سقر {إِلاّ ذِكْرى:} عظة، وتذكير. {لِلْبَشَرِ:} للخلق أجمعين. هذا؛ وقيل: نار الدنيا تذكرة لنار الآخرة، وهذا إذا عرف ابن آدم أن نار الدنيا جزء من سبعين جزءا من نار الآخرة، وخذ ما يلي:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنّم». قالوا: والله إن كانت لكافية. قال: «إنها فضّلت عليها بتسعة وستين جزءا، كلّهنّ مثل حرّها». رواه البخاري، ومسلم، ومالك، والترمذي. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثمّ أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودّت، فهي سوداء مظلمة، كالليل المظلم». رواه الترمذي، وابن ماجه، والبيهقي. هذا؛ و «ألف» بالرفع نائب فاعل، وإن نصب؛ فهو ظرف، ونائب الفاعل: الجار والمجرور عليها.

بعد هذا فمصدر الفعل {يُضِلُّ} الإضلال، وهو خلق فعل الضلال في العبد، والهداية: خلق فعل الاهتداء في العبد. هذا هو الحقيقة عند أهل السنة، وقد يعترض بعض الناس على خلق فعل الضلال في العبد، فيقول: إذا لا مؤاخذة على العبد، فكيف يعذبه الله؟! والجواب أن معنى خلق الضلال... إلخ. تقدير ضلاله، وهذا التقدير مبني على علم الله الأزلي بأن هذا العبد لو ترك وشأنه، لم يختر سوى الكفر والضلال، وفعل المعاصي والسيئات، ولذا قدره الله عليه، بدليل قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٢٨]: {وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} وهذا بعد أن تمنوا الرجوع إلى الدنيا ليكونوا مؤمنين، فأكذبهم الله بأنهم لو قدّر ردهم، ورجوعهم إلى الدنيا؛ لا يختارون إلا الكفر، والأعمال الفاسدة. هذا؛ وبالإضافة إلى اختيار الضلال بعد أن بين الله لكل واحد الخير والشر، والحسن والقبيح، كما قال الله عز وجل: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} أي: بينا له طريق الخير والشر، وحذر من اتباع الطرق المعوجة. قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٥٣]: {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ وقال علماء التوحيد: ليس معنى إضلال الله لفريق، وهدايته لفريق: أنه تعالى يجبر كلاّ منهما على الضلالة، والهدى، ولا أنه تعالى يكرههم على سلوك سبيلي الخير، والشر،

<<  <  ج: ص:  >  >>