النّار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النّظر إلى ربّهم». ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ}. رواه مسلم، وغيره.
وعن أبي رزين العقيلي-رضي الله عنه-قال: يا رسول الله! أكلنا يرى ربه مخليا به يوم القيامة؟ قال: «نعم». قلت: وما آية ذلك في خلقه؟ قال: «يا أبا رزين! أليس كلّكم يرى القمر ليلة البدر مخليا به؟». قلت: بلى! قال: «فالله أعظم، إنما هو خلق من خلق الله، فالله أجلّ، وأعظم». أخرجه أبو داود.
تنبيه: رؤية الله تعالى جائزة عقلا، دنيا، وأخرى؛ لأنه موجود، وكل موجود يصح أن يرى، فربنا جل علاه يصح أن يرى، لكن لم تقع دنيا لغير نبينا صلّى الله عليه وسلّم، وواجبة شرعا للمؤمنين في الآخرة كما أطبق عليه أهل السنة للكتاب، والسنة، والإجماع، وحسبك ما ذكرته فيما تقدم.
قال إبراهيم اللقاني-رحمه الله تعالى-في جوهرته: [الرجز]
ومنه أن ينظر بالأبصار... لكن بلا كيف ولا انحصار
للمؤمنين إذ بجائز علّقت... هذا وللمختار دنيا ثبتت
وأنكر المعتزلة رؤية الله تعالى في الآخرة مستدلين بقوله تعالى لموسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام لما سأل الله الرؤية-: {قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي} رقم [١٤٣] من سورة (الأعراف) فقالوا: النفي ب: {لَنْ} للتأبيد، وليس صحيحا! انظر شرحها هناك تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
هذا؛ ورؤية الله يوم القيامة تكون من غير تكيف بكيفية من كيفيات الحوادث، من مقابلة، وجهة وتحيز. وأنكر المعتزلة رؤية الله في الآخرة، وشنوا حربا شعواء على أهل السنة، وانتحتوا من قول أهل السنة بلا كيف البلكفة. قال الزمخشري يهجو أهل السنة: [الكامل]
لجماعة سمّوا هواهم سنّة... وجماعة حمر لعمري موكفه
قد شبّهوه بخلقه فتخوّفوا... شنع الورى فتستّروا بالبلكفه
ورد عليه السيد البليدي بقوله: [الكامل]
هل نحن من أهل الهوى أو أنتم؟ ... ومن الّذي منّا حمير موكفه؟
اعكس تصب فالوصف فيكم ظاهر... كالشّمس فارجع عن مقال الزّخرفه
يكفيك في ردّي عليك بأننا... نحتجّ بالآيات لا بالسّفسفه
وبنفي رؤيته فأنت حرمتها... إن لم تقل بكلام أهل المعرفه
فنراه في الأخرى بلا كيفيّة... وكذاك من غير ارتسام للصّفه