للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ و «عسعسع»: موضع في البادية. قال امرؤ القيس: [الطويل]

ألمّا على الربع القديم بعسعسا... كأنّي أنادي، أو أكلّم أخرسا

و «عسعس» أيضا: اسم رجل. قال الراجز: [الرجز]

وعسعس نعم الفتى تبيّاه

أي: تعتمده، ويقال للذئب: العسعس، والعسعاس، والعسّاس؛ لأنه يعس بالليل، ويطلب الطعام، ويقال للقنافذ: العساعس؛ لكثرة ترددها في الليل. هذا؛ وسعسع مثل عسعس في معنييه، فهو مقلوبه. ولا تنس: أن في الكلام استعارة مكنية، فقد شبه الليل بإنسان يقبل، ويدبر، ثم حذف المشبه، وأخذ منه شيئا من لوازمه وهي لفظة {عَسْعَسَ،} وكذلك قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ} فيه استعارة مكنية.

هذا؛ واللغة العربية غنية بالكلمات التي تعني الضدين، وتحتمل معنيين متقابلين، منها ما رأيته من لفظ: عسعس، ومنها لفظ «الغابرين» في كثير من الآيات، فإنه اسم فاعل من: غبر الشيء: بقي، وغبر أيضا: مضى، ومنها لفظ «جلل» للعظيم، والحقير، فمن الأول قول الحارث بن وعلة بن ذهل ابن شيبان الذهلي-وهو الشاهد رقم [١٩٢] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الكامل]

فلئن عفوت لأعفون جللا... ولئن سطوت لأوهنن عظمي

ومن الثاني قول امرئ القيس لمّا قتل أبوه وهو الشاهد رقم [١٩٣] من كتابنا المذكور: [المتقارب]

بقتل بني أسد ربّهم... ألا كلّ شيء سواه جلل

أي: هين، وحقير لا قيمة له، ومنها: «الجون» للأبيض، والأسود. ومنها: «البين» للقرب، والبعد. ومنها: «الصريم» لليل، والنهار. وبهما فسر قوله تعالى في سورة (القلم): {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} ومنها: «الناصع» للأبيض، والأسود، ومنها: «الناهل» للريّان، والظمآن، و «السليم» للديغ، والصحيح، ومنها: «وراء» بمعنى: خلف، وأمام، وشعبت الشيء: أصلحته، وشققته، و «الصارخ» للمغيث، والمستغيث، و «الهاجد» للمصلي في الليل، والنائم، ومنها «الوهدة» للانحدار، والارتفاع، ومنها: «التعزير» للإكرام، والإهانة، و «التقريظ» للمدح والذم، ومنها:

«ترب» للغني، والفقير، ومنها: «الإهماد» للسرعة في السير، والإقامة، ومنها: «القرء» للحيض، والطهر. ومنه قيل في قوله تعالى في الآية رقم [٦٢] من سورة (طه)، وفي الآية رقم [٣] من سورة (الأنبياء): {وَأَسَرُّوا النَّجْوى،} وأيضا قوله تعالى في الآية رقم [٥٤] من سورة (يونس) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ} كما قيل به في قول امرئ القيس-وهو الشاهد رقم [٤٧٢]: من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، ورقم [٣٢] من معلقته-: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>