للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعوذ بربّي من النّافثا... ت في عضه العاضه المعضه

العضه كعنب: الكذب، والسحر، والبهتان، والعاضه: الساحر. وقال متمم بن نويرة: [السريع]

نفثت في الخيط شبيه الرّقى... من خشية الجنّة والحاسد

وقيل: المراد ب‍: {النَّفّاثاتِ:} بنات لبيد بن الأعصم، اللاتي سحرن النبي صلّى الله عليه وسلّم. والنفث:

النفخ مع ريق قليل. وقيل: إنه النفخ فقط. واختلفوا في جواز النفث في الرّقى، والتعاويذ الشرعية المستحبة. فجوزه الجمهور من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم. ويدل عليه حديث عائشة-رضي الله عنها-قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذا مرض أحد من أهله، نفث عليه بالمعوذات... الحديث. وأنكر جماعة التفل، والنفخ في الرقى، وأجازوا النفخ بلا ريق. قال عكرمة: لا ينبغي للراقي أن ينفث، ولا يمسح، ولا يعقد. وقيل: النفث في العقد إنما يكون مذموما إذا كان سحرا مضرا بالأرواح، والأبدان، وإذا كان النفث لإصلاح الأرواح، والأبدان وجب أن لا يكون مذموما، ولا مكروها، بل هو مندوب إليه، وعلى الأول يحمل قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من عقد عقدة، ثمّ نفث فيها؛ فقد سحر، ومن سحر؛ فقد أشرك، ومن علّق شيئا؛ وكل إليه». أخرجه النسائي عن أبي هريرة-رضي الله عنه-.

أي: من علق شيئا من التعاويذ، والتمائم، واعتقد: أنها تجلب نفعا، أو تدفع عنه ضررا.

وقيل: المراد تمائم الجاهلية، مثل الخرزات، وأظفار السباع، أما ما يكون من القرآن، والأسماء الإلهية؛ فهو خارج عن هذا الحكم. انتهى. خازن، وقرطبي. بتصرف.

{وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ:} إذا ظهر حسده، وعمل بمقتضاه من بغي الغوائل للمحسود؛ لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره؛ فلا ضرر يعود منه على من حسده، بل هو الضار لنفسه، لاغتمامه بسرور غيره. وعن عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-. قال: لم أر ظالما أشبه بالمظلوم من حاسد! هذا؛ والحسد نوعان: ممدوح ومذموم، فالأول يسمى: حسد الغبطة، والمنافسة، وهي مطلوبة، ومرغب فيها، والرسول ندب إليها وقال: «المؤمن يغبط، والمنافق يحسد». وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا حسد إلاّ في اثنتين، رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته بالحقّ، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها، ويعلّمها الناس». فهذا هو الحسد الممدوح، ومنه أن يتمنى مثل ما عند غيره من النعمة مع تمنيه بقاء نعمة الله عليه من صحة، ومال، وولد، ومنصب، وجاه.

وأما الحسد المذموم؛ فهو أن يتمنى الحاسد زوال نعمة الله عن المحسود؛ وإن لم يصبه منها شيء. قال العلماء: الحاسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل، أو بقول، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود، فيتبع مساوئه، ويطلب عثراته. هذا؛ والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل. انظر

<<  <  ج: ص:  >  >>