للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة (المائدة) رقم [٢٧] وما بعدها. ولا تنس حسد أولاد يعقوب لأخيهم يوسف، على نبينا، وعليهم ألف صلاة، وألف سلام. هذا؛ والحاسد ممقوت، مبغوض، مطرود، ملعون. ولقد أحسن من قال: [الكامل]

قل للحسود إذا تنفّس طعنة... يا ظالما وكأنه مظلوم

والحسد نار تضطرم في صدر الحسود، وسعير يتلظى في حشاه، ورحم الله القائل، وهو أبو الحسن التهامي: [الكامل]

إني لأرحم حاسديّ لفرط ما... ضمّت صدورهم من الأوغار

نظروا صنيع الله بي فعيونهم... في جنة وقلوبهم في نار

والحسود غضبان على الأقدار، قد عادى حكمة القهار. قال تعالى في سورة (النساء) رقم [٥٤]: {أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ..}. إلخ.

ورحم الله القائل: [المتقارب]

أيا حاسدا لي على نعمتي... أتدري على من أسأت الأدب؟

أسأت على الله في حكمه... لأنّك لم ترض لي ما وهب

فأخزاك ربّي بأن زادني... وسدّ عليك وجوه الطّلب

هذا؛ وإن كل عداوة ترجى إزالتها، ويمكن علاجها إلا عداوة الحاسد، فإنه لا يرضيه إلا زوال النعمة، وكيف يرضى الحاسد عن أخيه، ويصفو لأحد؛ وهو غير راض عن ربه، متبرم لقضاء الله وقدره، منكر لقسمة الباري وعدله، يا سبحان الله! قال تعالى في سورة (الزخرف) [٣٢]: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ..}. إلخ. هذا؛ والأحاديث المنفرة من الحسد، والمتوعدة الحسود بالويل، والثبور، وعظائم الأمور كثيرة، ومشهورة، ومسطورة، أكتفي منها بما يلي:

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إيّاكم والحسد، فإنّ الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو قال: العشب». رواه أبو داود، وابن ماجه، والبيهقي.

وعن عبد الله بن بسر-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليس منّي ذو حسد، ولا نميمة، ولا كهانة، ولا أنا منه». ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً} من سورة (الأحزاب) وإني أتمثل بقول القائل: [البسيط]

إن يحسدوني فإني غير لائمهم... كذا ذوو الفضل من قبلي قد حسدوا

فدام لي ما بي ودام الذي لهم... ومات أكثرنا غيظا لما يجد

<<  <  ج: ص:  >  >>