ابن؛ فليست أصلية، إذ أصله: بنو، كما رأيت، فالهمزة فيه بدل من حرف علة أصلي، فلما جمع؛ جمع على: أبناء، فهذه الهمزة همزة أفعال، وليست همزة ابن كما قد يتوهم.
هذا؛ وقد أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يجعل اللعنة على الكاذبين، ولقد كرر الله لعن الكافرين في الآية رقم [١٥٩] من سورة (البقرة) كما لعن الظالمين، والفاسقين، والناقضين للعهد في آيات متفرقة، وهو دليل قاطع على أن من مات على كفره؛ فقد استحق اللعن من الله، والملائكة، والناس أجمعين، وأما الأحياء من الكفار؛ فقد قال بعض العلماء: لا يجوز لعن كافر معين؛ لأن حاله لا يعلم عند الوفاة، فلعله يؤمن، ويموت على الإيمان، وقد قيّد الله في الآية رقم [١٦١] من سورة (البقرة) إطلاق اللعنة على من مات على الكفر. ويجوز لعن الكفار جملة بدون تعيين، كما في قولك: لعن الله الكافرين، يدل عليه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لعن الله اليهود، حرّمت عليهم الشّحوم، فجمّلوها، وباعوها». وذهب بعضهم إلى جواز لعن إنسان معين من الكفار، بدليل قتاله، وهو الصّحيح، كيف لا؟! وقد لعن حسّان بن ثابت-رضي الله عنه-أبا سفيان، وزوجه هندا في شعره، ولم ينكر عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم. خذ قوله:[الكامل]
لعن الإله وزوجها معها... هند الهنود طويلة البظر
وقد لعن الفاروق-رضي الله عنه-أبا سفيان، وعكرمة بن أبي جهل، وأبا الأعور السّلمي، وغيرهم؛ الذين قدموا المدينة المنورة بعد غزوة أحد، وقد أعطاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم الأمان على أن يكلّموه، فقام معهم جماعة من المنافقين، وقالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ارفض ذكر آلهتنا بسوء، وقل: إن لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك! فشقّ ذلك على سيد الخلق، وحبيب الحق، فقال له الفاروق: يا رسول الله! ائذن لي في قتلهم، فقال:«إنّي أعطيتهم الأمان» فقال الفاروق: اخرجوا في لعنة الله، وغضبه. ولم ينكر عليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك. كيف لا؛ وآية (النور) رقم [٧] تأمر المسلم أن يلعن نفسه إن كان من الكاذبين؟! وأمّا العصاة من المسلمين فلا يجوز لعن واحد منهم على التّعيين قطعا، وأما على الإطلاق؛ فيجوز كما في قولك: لعن الله الفاسقين، والفاسقات، والفاسدين، والفاسدات، والخبيثين، والخبيثات... إلخ؛ لما روي: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال:«لعن الله السارق يسرق البيضة، والحبل، فتقطع يده». ولعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«الواشمة، والمستوشمة، وآكل الرّبا، ولعن من غيّر منار الأرض، ومن انتسب إلى غير أبيه، ومن عمل عمل قوم لوط، ومن أتى امرأة في دبرها، وغير ذلك». وكل ذلك في الصّحيح من الأحاديث، وخذ ما يلي:
عن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ العبد إذا لعن شيئا؛ صعدت اللعنة إلى السّماء، فتغلق أبواب السّماء دونها، ثمّ تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثمّ تأخذ يمينا، وشمالا، فإن لم تجد مساغا؛ رجعت إلى الّذي لعن، فإن كان أهلا، وإلاّ؛ رجعت إلى قائلها». رواه أبو داود.