وإذا اعترض عليه الحجّ، والزّواج لنفسه، أو لولده؛ بمعنى: لا يقدر على تنفيذ الأمرين معا في عام واحد، فليقدّم الزواج لنفسه، أو لولده غضّا للبصر، وتحصينا للفرج، ولا اعتبار لمن يتحجّج بقوله: الحجاز قبل الزّواج.
وخذ ما يلي: عن أنس-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من رزقه الله امرأة صالحة؛ فقد أعانه على شطر دينه، فليتّق الله في الشّطر الباقي». رواه الطبرانيّ، والحاكم. وفي رواية للبيهقي؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«إذا تزوّج العبد؛ فقد استكمل نصف الدّين، فليتّق الله في النّصف الباقي».
والعبد يشمل الذّكر، والأنثى، والزّوجة، والزّوج أصبح كلّ منهما لصاحبه-في هذا الزمن الفاسد أهله-الدين كلّه، كيف لا؟! وربّنا يقول:{هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ}.
{وَمَنْ كَفَرَ..}. إلخ. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي: ومن جحد فريضة الحجّ؛ فقد كفر، والله غنيّ عنه، ويدخل في ذلك اليهود، وغيرهم من الملل الضالّة؛ الّتي تدّعي الإسلام، ولا تؤدي فريضة الحجّ، ولقد وضعت الجملة موضع:«ومن لم يحج» تأكيدا لوجوبه، وتشديدا على تاركه، وتغليظا عليه. وخذ ما يلي:
عن ابن عباس-رضي الله عنهما-، قال: كان الفضل بن عباس رديف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فجاءته امرأة خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصرف وجه الفضل إلى الشّقّ الآخر، قالت: يا رسول الله! إنّ فريضة الله على عباده في الحجّ أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحجّ عنه؟ قال:«نعم» وذلك في حجة الوداع.
أخرجاه في الصّحيحين.
فقه هذا الحديث: إن كان المتوفّى قبل أن يحجّ قادرا على الحج ماديّا؛ فيجب على ورثته أن يخرجوا حجّته من رأس ماله وجوبا، وإن كان فقيرا، فإن فعل الوارث ذلك؛ فهو من باب التبرّع، وله أجره إن شاء الله تعالى. وخذا ما يلي في التّرغيب في الحجّ.
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة». متّفق عليه. وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-:
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«تابعوا بين الحجّ، والعمرة، فإنّهما ينفيان الذّنوب، والفقر، كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضّة. وليس لحجة مبرورة ثواب إلاّ الجنّة. وما من مؤمن يظلّ يومه محرما إلاّ غابت الشّمس بذنوبه». أخرجه الترمذيّ. وله عن سهل بن سعد-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من مسلم يلبّي إلاّ لبّى ما عن يمينه، وشماله من حجر، أو شجر، أو مدر، حتّى تنقطع الأرض من هاهنا، وهاهنا». وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله:«من مات في أحد الحرمين؛ بعث يوم القيامة آمنا». وعنه صلّى الله عليه وسلّم:«الحجون، والبقيع يؤخذ بأطرافهما، وينثران في الجنّة». وهما مقبرتا مكّة، والمدينة. وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-قال: وقف رسول الله