للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح، ولا تهجر إلاّ في البيت». أخرجه أبو داود.

{إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً:} فيه تهديد، ووعيد، وتحذير من ظلم المرأة إذا هي انصاعت لأوامر الزّوج بعد نشوزها. والمعنى: اعلموا: أنّ قدرة الله عليكم أعظم من قدرتكم على من تحت أيديكم من نساء، وضعفاء، فأنتم أحقّ بالعفو؛ إن حصل منهم هفوات، ومخالفات. وانظر نشوز الرّجل في الآية رقم [١٢٨].

تنبيه: نزلت الآية الكريمة في سعد بن الرّبيع-رضي الله عنه-أحد نقباء الأنصار، نشزت عليه زوجته حبيبة بنت زيد بن خارجة بن أبي زهير، فلطمها، فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله! أفرشته كريمتي، فلطمها، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «لتقتصّ منه» فانصرفت لتقتصّ منه، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «ارجعوا، هذا جبريل أتاني» فأنزل الله هذه الآية، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أردنا أمرا، وأراد الله غيره، وما أراد الله خير» ونقض الحكم الأوّل. وقيل: إنّ في هذا المردود نزل قوله تعالى في سورة (طه): {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}.

تنبيه: ممّا تقدّم يتبيّن لنا: أنّ الله عزّ وجل لم يأمر في شيء من كتابه بالضّرب صراحا إلا هنا، وفي الحدود العظام، فساوى معصيتهنّ لأزواجهنّ بمعصية الكبائر، وولّى الأزواج ذلك دون الأئمّة، وجعله لهم دون القضاة بغير شهود، ولا بيّنات ائتمانا من الله تعالى للأزواج على النّساء. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {الرِّجالُ:} مبتدأ. {قَوّامُونَ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمّة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنّون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {عَلَى النِّساءِ:} متعلقان ب‍ {قَوّامُونَ}. {بِما:} جار ومجرور متعلّقان ب‍ {قَوّامُونَ} أيضا، و (ما) تحتمل الموصولة، والمصدرية. {فَضَّلَ:} فعل ماض. {اللهُ:}

فاعله. {بَعْضَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {عَلى بَعْضٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة (ما) والعائد محذوف، والتقدير: بالّذي فضّل الله به... إلخ، وعلى اعتبارها مصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر في محلّ جرّ بالباء، التقدير: بسبب تفضيل بعضهم على بعض. {وَبِما:} جار ومجرور معطوفان على ما قبلهما، و (ما) تحتمل ما ذكر.

{أَنْفَقُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، والتقدير: بالذي، أو: بشيء أنفقوه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محلّ جرّ بالباء، التقدير: بإنفاقهم. {مِنْ أَمْوالِهِمْ:} متعلّقان بمحذوف حال من الضمير المحذوف. و {مِنْ:} بيان لما أبهم في (ما)، والهاء في محل جر بالإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>