للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضّله الله عليها». رواه البزار، والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا تمنعه نفسها؛ وإن كانت على ظهر قتب». رواه ابن ماجة عن ابن أبي أوفى-رضي الله عنه-.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا دعا الرّجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها؛ لعنتها الملائكة؛ حتّى تصبح». رواه الشّيخان، وغيرهما، وانظر الآية رقم [١٨].

{وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ:} الهجر في المضجع: هو أن يولّيها ظهره في الفراش، ولا يجامعها. وقيل: هو الابتعاد عن فراشها. وهذا الأولى، فإنّ الزّوج إذا أعرض عن فراشها، فإن كانت محبّة للزّوج؛ فذلك يشقّ عليها، فترجع للصّلاح، وإن كانت مبغضة له، فيظهر النّشوز منها، ويتبيّن: أنّه من قبلها. وهذا الهجر غايته عند العلماء شهر، كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم حين أسرّ إلى حفصة، فأفشته إلى عائشة، وتظاهرتا عليه، وكما فعل صلّى الله عليه وسلّم حين تآمرن عليه، وطلبن زيادة في النفقة. انظر سورة (الأحزاب) وسورة (التحريم). ولا يبلغ به الأربعة الأشهر التي ضرب الله أجلا عذرا للمولي، كما رأيت في سورة (البقرة) رقم [٢٢٦]، وقد ثبت: أنّ الهجر للمرأة خير علاج لنشوزها، وترفّعها، ولا سيما إذا كان الهجر كناية عن الجماع.

{وَاضْرِبُوهُنَّ} يعني: إن لم يصلح حالهنّ بالهجران بعد الوعظ، فاضربوهنّ ضربا غير مبرّح، ولا شائن، وهو الذي لا يكسر عظما، ولا يشين وجها، فإنّه إذا أدى إلى الضّرر؛ وجب الضمان مثل ضرب المعلم المؤدّب غلامه للعلم، والأدب. هذا؛ وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع:

«ألا واستوصوا بالنّساء خيرا فإنّما هنّ عوان عندكم، ليس تملكون منهنّ شيئا غير ذلك، إلاّ أن يأتين بفاحشة مبيّنة، فإن فعلن؛ فعظوهنّ، واهجروهنّ في المضاجع، واضربوهنّ ضربا غير مبرّح، فإن أطعنكم، فلا تبغوا عليهنّ سبيلا، ألا إنّ لكم على نسائكم حقّا، ولنسائكم عليكم حقّا، فحقّكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقّهنّ عليكم أن تحسنوا إليهنّ في كسوتهنّ، وطعامهنّ». رواه ابن ماجة، والترمذي عن عمرو بن الأحوص الجشمي-رضي الله عنه-.

قال عليّ-رضي الله عنه-: يعظها بلسانه، فإن انتهت؛ فلا سبيل له عليها، فإن أبت؛ هجر مضجعها، فإن أبت؛ ضربها، فإن لم تتّعظ بالضّرب؛ بعث الحكم. وقال آخرون: هذا الترتيب مراعىّ عند خوف النّشوز، أمّا عند تحقّق النشوز؛ فلا بأس بالجمع بين الكلّ.

{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ} فيما أمرتموهنّ، وطلبتم منهنّ. {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} أي: فلا تطلبوا عليهنّ طريقة تحتجّون بها عليهنّ إذا قمن بواجب حقّكم. وعن حكيم بن معاوية-رضي الله عنه- عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله! ما حقّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت،

<<  <  ج: ص:  >  >>