للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائكة تتأذّى ممّا يتأذّى منه بنو آدم». وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أنه ذكر عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الثّوم، والبصل، وقيل: يا رسول الله! وأشد ذلك الثّوم، أفتحرمه؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلوه فمن أكله منكم فلا يقرب المسجد حتّى يذهب ريحه منه». رواه ابن خزيمة في صحيحه.

وعن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-: أنّه خطب يوم الجمعة، فقال في خطبته: «ثم إنكم يا أيها الناس تأكلون شجرتين، لا أراهما إلا خبيثتين: البصل، والثوم، لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا وجد ريحهما من الرّجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما؛ فليمتهما طبخا». رواه مسلم، والنسائي.

{وَعَدَسِها} العدس: معروف، والعدسة بثرة تخرج بالإنسان، وربما قتلت و «عدس» زجر للبغال، قال يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري، وهو الشّاهد رقم [٨٣٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]

عدس ما لعبّاد عليك إمارة... نجوت وهذا تحملين طليق

والعدس: شدّة الوطء والكدح أيضا، وعدست المنية إليه، أي: سارت، قال الكميت: [الطويل]

أكلّفها هول الظّلام، ولم أزل... أخا اللّيل معدوسا إليّ وعادسا

أي: يسار إليّ بالليل. وعدس: لغة في حدس. قاله الجوهري. ويؤثر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من حديث عليّ-رضي الله عنه-: أنه قال: «عليكم بالعدس: فإنه مبارك مقدّس، وإنه يرقّ القلب ويكثر الدّمعة، فإنّه بارك فيه سبعون نبيّا، آخرهم عيسى ابن مريم». ذكره الثعلبي وغيره، قال الحليمي: والعدس، والزيت طعام الصّالحين، لو لم يكن له فضيلة: إلا أنه ضيافة إبراهيم عليه السّلام في مدينته، لا تخلو منه؛ لكان فيه كفاية، وهو يخفف البدن، فيجفّ للعبادة، ولا تثور منه الشّهوات كما تثور من اللّحم.

{قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ} الاستبدال: وضع الشيء موضع الآخر، ومنه البدل، أي: تطلبون إبداله، والسين والتاء للطلب. {أَدْنى} ألفه منقلبة عن واو؛ لأنه من: دنا، يدنو: إذا قرب، وله معنيان: أحدهما أن يكون المعنى ما تقرب قيمته بخساسته، ويسهل تحصيله، والثاني: أن يكون بمعنى القريب منكم؛ لكونه في الدنيا، والذي هو خير ما كان من امتثال أوامر الله؛ لأن نفعه متأخر إلى الآخرة. وقيل: الألف مبدلة من همزة؛ لأنه مأخوذ من دنؤ، يدنؤ، فهو دنيء، والمصدر: الدناءة، وهو من الشيء الخسيس، فأبدلت الهمزة ألفا. وقيل: أصله: أدون، من الشيء الدون فأخّرت الواو، فانقلبت ألفا، فوزنه الآن أفلع ومعنى الجملة: أتستبدلون البقل، والقثاء، والفوم، والبصل الذي هو أدنى بالمنّ، والسّلوى الذي هو خير؟! والخيرية بسبب: أنّ المن، والسّلوى ألذّ، وأطيب ممّا طلبوه، وأنهما لا كلفة فيهما، ولا تعب، والذي طلبوه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>