للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (يستحب حفظ القرآن إجماعًا، وحفظه فرض كفاية إجماعًا)

قال ابن الصلاح (١): قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها بني آدم، والملائكة لم يعطوا هذه الفضيلة، وهي حريصة على استماعه من الإنس انتهى، قال الدميري: وقد يوقف فيه من جهة أن جبريل هو النازل بالقرآن على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال الله تعالى في وصف الملائكة: {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} (٢) أي تتلو القرآن انتهى. قلت: يحتمل أن يكون مراد ابن الصلاح الملائكة غير جبريل، أو يقال: لا يلزم من نزوله به بقاء حفظه له جملة، لكن يبعده حديث مدارسته - صلى الله عليه وسلم - إياه القرآن (٣)، إِلا أن يقال: كان يلهمه إلهامًا عند الحاجة إلى تبليغه، وأما تلاوة الملائكة له فلا يلزم منها حفظه.

(وهو) أي القرآن (أفضل من سائر الذكر) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الرب سبحانه وتعالى: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي


(١) فتاوى ومسائل ابن الصلاح (١/ ٢٣٤).
(٢) سورة الصافات، الآية: ٣.
(٣) إشارة إلى حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري في بدء الوحي، باب ٥، حديث ٦، وفي الصوم، باب ٧, حديث ١٩٠٢، وفي بدء الخلق، باب ٦، حديث ٣٢٢٠، وفي المناقب، باب ٢٣، حديث ٣٥٥٤، وفي فضائل القرآن، باب ٧، حديث ٤٩٩٧، ومسلم في الفضائل، حديث ٢٣٠٨، وغيرهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة.