للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشهادة، بخلاف الرواية.

(وإن رجعوا) أي: شهود الأصل (بعدَه) أي: بعد الحكم (فقالوا: كَذَبْنا، أو غلطنا؛ ضمنوا) لاعترافهم بتعمُّد الإتلاف بقولهم: كذَبْنَا، أو بخطئهم بقولهم: غلطنا (ولو قالوا) أي: الأصول (بعد الحكم: ما أشهدناهم بشيء؛ لم يضمن الفريقان شيئًا) مما فات بالحكم؛ لأن شاهديِ الفرع لم يثبت كذبهما، وشاهديِ الأصل لم يثبت رجوعهما؛ لأن الرجوع إنما يكون بعد الشهادة، فإنكارُ الأصلِ الشهادةَ لا يكون رجوعًا عنها.

(ومن زاد في شهادته، أو نقص، بحضرة الحاكم قَبْلَ الحكمِ، مثل أن يشهد بمائة، ثم يقول: بل هي مائة وخمسون، أو) يقول: (بل هي تسعون) قُبِل، ويحكم بما شهد به أخيرًا؛ لأن شهادته الأخيرة شهادة من عدل غير مُتَّهم، لم يرجع عنها، فوجب الحكم بها كما لو لم يتقدمها ما يخالفها، ولا تعارضها الشهادة الأولى؛ لأنها قد بطلت برجوعِه عنها.

(أو أدَّى) الشهادةَ (بعد إنكارها) أي: الشَّهادة بأن قال: ليس لي عليه شهادةٌ، ثم أدَّاها، وقال: كنتُ أُنسيتها (قُبِل) نصَّ عليه (١)؛ لقوله تعالى فِي حَقِّ المرأتين: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (٢)، فقَبِلها بعد إثبات الضلال والنسيان فِي حقِّها، فوجب أن يقبل قول العدل فيما نسيه، ثم ذكره بعد ذلك (كقوله: لا أعرف الشهادةَ، ثم يشهد) فَتُقبل؛ لأن شهادتَه إذا قُبلت بعد إنكارها فهنا أولى (وإن كان)


(١) انظر: المغني (١٤/ ٢٦٨)، وشرح الزركشي (٧/ ٣٩١)، ومعونة أولى النهي (١٢/ ٩٨).
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢.