للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة]

(ما يُفسدُ الصومَ) وهو كلُّ ما ينافيه من أكل وشُرب، ونحوهما (و) ما (يوجب الكفَّارة) كالوطء في نهار رمضان (وما يتعلّق بذلك).

(مَن أكلَ ولو ترابًا، أو ما لا يُغذِّي) - بالغين والذال المعجمتين - (ولا يماع في الجوف كالحصى، أو شرب) فَسَدَ صومه؛ لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (١) فأباحهما إلى غاية، وهي تبيُّن الفجر، ثم أمر بالإمساك عنهما إلى الليل؛ لأنَّ حُكم ما بعد الغاية مخالف لما قبلها، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ عَمَل ابن آدَمَ لهُ إلا الصومَ، فإنه لِي وأنا أجزِي به، إنه تَرَكَ طَعامَهُ وشَرابَهُ من أجلي". متفق عليه (٢). ولا فَرْقَ بين القليل والكثير.

(أوِ استَعَطَ) في أنفه (بدُهن أو غيره، فوصل إلى حَلْقه، أو دماغه) وفي "الكافي": أو خياشيمه، فسد صومه؛ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - الصَّائمَ عن المبالغة في الاستنشاق (٣). ولأنَّ الدماغَ جوفٌ، والواصل إليه يُغذِّيه، فيُفطر، كجوف البدن.

(أو احتقن) في دُبُره، فَسَد صومه؛ لأنه يصل إلى الجوف؛ ولأن غير المعتاد كالمعتاد في الواصل؛ ولأنه أبلغ وأَولى مِن الاستعاط.


(١) سورة البقرة، الآية: ١٨٧.
(٢) البخاري في الصوم، باب ٤، حديث ١٩٠٤، وفي اللباس باب ٧٨، حديث ٥٩٢٧، ومسلم في الصيام، حديث ١١٥١ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) تقدم تخريجه (١/ ٢١٤) تعليق رقم (٢).