للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لفعل ابن أم مكتوم (١).

(فإن تشاحّ) من الشح وهو البخل مع حرص (فيه) أي: الأذان (اثنان فأكثر، قدم أفضلهما في ذلك) أي: في الخصال المذكورة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قدم بلالًا على عبدِ اللهِ، لكونه أندى صوتًا منهُ، وقسنا بقية الخصال عليه.

(ثم) إن استويا في ذلك، قدم (أفضلهما في دينه، وعقله) لما روى ابن عباس أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليؤذنْ لكم خيارُكم، وليؤمكم أقرؤكم" (٢) رواه أبو داود (٣)، وغيره.

ولأنه إذا قدم بالأفضلية في الصوت، فبالأفضلية في ذلك أولى، لأن مراعاتهما أولى من مراعاة الصوت، لأن الضرر بفقدهما أشد.

(ثم) إن استووا في ذلك قدم (من يختاره الجيران المصلون، أو أكثرهم) لأن الأذان لإعلامهم، فكان لرضاهم أثر في التقديم، ولأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته، ومن هو أعف عن النظر.


(١) روى البخاري في الأذان، باب ١١، حديث ٦١٧، وفي الشهادات، باب ١١، حديث ٢٦٥٦ عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم"، ثم قال: وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت. ورواه مسلم في الصيام، حديث ١٠٩٢ دون قوله: "ثم قال: وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت.
(٢) في "سنن أبي داود"، و"ابن ماجه": "قراؤكم".
(٣) في الصلاة، باب ٦١، حديث ٥٩٠. وأخرجه - أيضًا - ابن ماجه في الأذان، باب ٥، حديث ٧٢٦، وأبو يعلى (٤/ ٢٣٢) حديث ٢٣٤٣، والطبراني (١١/ ٢٣٧) حديث ١١٦٠٣، والبيهقي (١/ ٤٢٦)، وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود (١/ ٣٠٧): وفي إسناده الحسين بن عيسى الحنفي الكوفي، وقد تكلم فيه أبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان. وذكر الدارقطني [أطراف الغرائب والأفراد ٣/ ٢٢٨ رقم ٢٥٠٣] أن الحسين بن عيسى تفرد بهذا الحديث عن الحكم بن أبان.