للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا يجوز استئجار الفحل للضِّراب) لنهيه - صلى الله عليه وسلم - "عن عَسْبِ الفَحلِ" متفق عليه (١). والعسب: إعطاء الكراء على الضراب على أحد التفاسير، ولأن المقصود الماء، وهو مُحرَّم لا قيمة له، فلم يجز أخذ العوض عنه كالميتة.

(فإن احتاج) إنسان (إلى ذلك، ولم يجد من يَطرُقُ له) دابته مجانًا (جاز له) أي: لربِّ الدابة (أن يبذُلَ الكِراء) لأنه بذل لتحصيل منفعة مباحة تدعو الحاجة إليها، فجاز (كشراء الأسير، ورشوة الظالم، ليدفع ظلمه. ويحرم على المُطرِق) وهو ربُّ الفحل (أخذه) أي: العوض؛ للنهي السابق.

(وإن أطرق إنسانٌ فَحْلَه بغير إجارة ولا شرط، فأُهديت له هدية، أو أُكرِم بكرامة لذلك، فلا بأس) لأنه فَعَل معروفًا، فجازت مجازاته عليه؛ قاله في "المغني" و"الشرح". ونقل ابن القاسم (٢): لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى شيئًا كالحجَّام (٣). فحمله القاضي على ظاهره، وأنه مقتضى


(١) أخرجه البخاري في الإجارة، باب ٢١، حديث ٢٢٨٤، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقد تقدم في (٧/ ٣٤١) تعليق رقم (٢)، ولم نقف عليه عند مسلم بهذا اللفظ، وإنما أخرجه في المساقاة، حديث ١٥٦٥، عن جابر رضي الله عنه، بلفظ: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ضراب الجمل.
(٢) المغني (٦/ ٣٠٤)، وانظر: مسائل عبد الله (٣/ ٩٧٧) رقم ١٣٣١.
(٣) حديث إعطائه - صلى الله عليه وسلم - أجر الحجام، أخرجه البخاري في البيوع، باب ٣٩، حديث ٢١٠٣، وفي الإجارة، باب ١٨، حديث ٢٢٧٨، ٢٢٧٩، وفي الطب، باب ٩، حديث ٥٦٩١، ومسلم في المساقاة، حديث ١٢٠٢ (٦٥، ٦٦)، وفي السلام، حديث ٧٦، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجَّام أجره.
وأخرجه البخاري -أيضًا- في البيوع، باب ٣٩، ٩٥، حديث ٢١٠٢، ٢٢١٠، وفي الإجارة، باب ١٧، ١٨، ١٩، حديث ٢٢٧٧، ٢٢٨٠، ٢٢٨١، وفي الطب، باب ١٣، حديث ٥٦٩٦، ومسلم في المساقاة، حديث ١٥٧٧ (٦٤)، عن أنس رضي الله عنه قال: حجم أبو طيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له بصاع من تمر … الحديث.