للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإكراه؛ لأن المكرَه مُغلَقٌ عليه في أمره، مُضيَّقٌ عليه في تصرُّفه، كما يُغلق الباب على الإنسان. وخرج بقوله: "ظلمًا"، ما لو أُكره بحقٍّ، كإكراه الحاكم المؤليَ على الطلاق بعد التربُّص إذا لم يفىء، وإكراه الحاكم رجلين زوَّجهما وليَّان ولم يُعلَمِ السابقُ منهما؛ لأنه قولٌ حُمل عليه بحقٍّ، فصح، كإسلام المرتد.

وقوله: "مع الوعيد" تَبعَ فيه الشارح وغيره. أي أنَّ الضربَ وما عُطفَ عليه، إنما يكون إكراهًا مع الوعيد؛ لأن الإكراه إنما يتحقق بالوعيد. فأما الماضي من العقوبة؛ فلا يندفع بفعل ما أُكره عليه، وإنما يُباح الفعل المكرَه عليه دفعًا لما يتوعَّد به من العقوبة فيما بعد. وظاهر "التنقيح" و"المنتهى" وغيرهما: أنَّ الوعيد ليس بشرط مع العقوبة.

(وفِعْلُ ذلك) أي: الضرب والخنق ونحوه مما تقدَّم (بولده) أي: المُطلِّق (إكراهٌ لوالده) فلا يقع طلاقه على ما تقدم، بخلاف باقي أقاربه.

(وإن هدَّده قادر) على إيقاع ما هدَّده به (بما يضرُّه ضررًا كثيرًا، كقتلٍ، وقطع طَرَفٍ، وضربٍ شديد، وحبسٍ وقيدٍ طويلين، وأخذِ مالٍ كثير، وإخراجٍ من ديار ونحوه، أو) هدَّده (بتعذيب ولده) بشيءٍ مما تقدم، أو بقتله، أو قَطْعِ طرفه.

وقوله: (بسلطان، أو تَغَلُّبٍ، كَلِصٍّ، ونحوه) كقاطع طريق -متعلق بـ "قادر"- (يغلب على ظنِّه) أي: المُطلِّق (وقوع ما هدَّده به، و) يغلب على ظنِّه (عجزُهُ عن دفعه، و) عن (الهرب منه، و) عن (الاختفاء؛ فهو) أي: التهديد بشروطه (إكراه) فلا يقع الطلاق معه


= كما ذكره أبو داود. وقيل: معناه: النهي عن إيقاع الطلاق الثلاث كله في دفعة واحدة، حتى لا يبقى منه شيء، ولكن ليطلق للسنة كما أمر.