للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب شروط من تُقبل شهادته

والحكمةُ في اعتبارها: حِفْظُ الأموال، والأعراض، والأنفس أن تُنال بغير حَقٍّ، فاعتُبرت أحوال الشهود بخلوهم عمَّا يوجب التُّهمة فيهم، ووجود ما يوجب تيقُّظَهم وتحرُّزَهم.

(وهي ستة:

أحدها: البلوغ، فلا تُقبل شهادةُ مَن هو دونه في جِراح، ولا) في (غيره، ولو ممن) أي: صغير (هو في حال أهل العدالة) لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (١) والصبي لا يُسمَّى رَجُلًا؛ ولأنه غير مقبول القول في حَقّ نفسِه، ففي حَقِّ غيرِه أَولى؛ ولأنه غيرُ كامل العقل، فهو في معنى المعتوه.

(الثاني: العقل، وهو نوعٌ من العلوم الضرورية) كالعِلم بأن الضِّدَّين لا يجتمعان ونحوه. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "شرح آداب البحث" (٢): قال - أي: الغزالي (٣) -: ويُشبه أن يكون الاسم لغةً واصطلاحًا لتلك الغريزة، وإنما أُطلق على العلومِ مجازًا من حيث إنها ثمرتُه، كما يُعرف الشيء بثمرته، فيقال: العِلم هو الخشية.

(والعاقل: مَن عرف الواجبَ عقلًا؛ الضروريَّ وغيرَه) كوجود الباري سبحانه، وكون الواحد أقلّ من الاثنين (و) عرف (الممكن) كوجود العالم (و) عرف (الممتنعَ) وهو المستحيل، كاجتماع الضِّدَّين،


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢.
(٢) المسمى: "فتح الوهاب بشرح الآداب" وهو شرح آداب البحث للسمرقدي، ولم يُطبع حتى الآن.
(٣) إحياء علوم الدين (١/ ٩٢).