للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ونصَّ) الإمام (أحمد (١) في من عنده وديعة فأداها، فأُهديت إليه هدية، أنه لا يقبلها إلا بنيَّة المكافأة، وحكم الهدية عند سائر الأمانات حكم الوديعة) ومثله دَفْع رَبِّ اللُّقطة لواجدها عند رَدِّها إليه شيئًا منها، وتقدم (٢) في الجعالة.

(ويُكره له) أي: للقاضي أن يتولَّى البيعَ والشراءَ بنفسه، خصوصًا بمجلس حكمه؛ لأنه يُعرف فَيُحابى، فيكون كالهدية؛ ولأن ذلك يشغله عن أمور المسلمين. و(لا) يُكره (لمُفْتٍ ولو في مجلس فتواه أن يتولَّى البيعَ والشِّراء بنفسه) لأنه لا يُكره له قَبول الهدية، فلا يضرُّه أن يُحابى.

(ويُستحبُّ) للقاضي (أن يوكِّل في ذلك) أي: في البيع والشراء (مَن لا يُعرَفُ أنه وكيلُه) لأنه أنفى للتُّهمة، فإن تعذَّر ذلك أو شَقَّ جاز؛ لقضية أبي بكرٍ - رضي الله عنه - (٣).

(وله) أي: القاضي (عيادةُ المرضى، وشهادةُ الجنائز، وزيارةُ الأهل والصالحين والإخوان، وتوديع الغازي والحاجِّ، ما لم يشغَلْه عن الحكم) لأن ذلك قُربة وطاعة، وقد وَعَدَ الشرعُ على ذلك أجرًا عظيمًا، فيدخل القاضي في ذلك.

(فإن شَغَله) ذلك عن الحكم (فليس له ذلك) لأن اشتغاله بالفصل بين الخصوم، ومباشرة الحكم أولى.

(وله حضورُ بعض) ذلك (دون بعض) لأن هذا يفعله لنفع نفسه،


(١) انظر: قواعد ابن رجب ص/ ٣٢٢، القاعدة الخمسون بعد المائة.
(٢) (٩/ ٤٧٩ - ٤٨٢).
(٣) أخرج ابن سعد في الطبقات (٣/ ١٨٥)، عن حميد بن هلال، أن أبا بكر - رضي الله عنه -، لما استخلف، راح إلى السوق يحمل أبرادًا له، وقال: لا تغروني من عيالي.