للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك بمطالبته به، أشبه ما لو صَرح بالوكالة (وإلا) بأن كفله بغير إذنه، ولم يطالبه صاحب الحق بإحضاره (فلا) يلزمه الحضور معه إلى رَبِّ الحق؛ لأن المكفول به لم يشغل ذمته، وإنما شغلها الكفيل باختياره، ولم يوكله صاحب الحق.

(وإن كان المكفول به غائبًا غيبةً تُعْلم غيرَ منقطعة) بأن غاب بموضع معلوم (ولو) كان المكفول به (مرتدًا لحِقَ بدار الحرب) بموضع معلوم (أمهل) الكفيل (بقَدْرِ ما يمضي) إلى محل المكفول به (ويحضره) منه، ليتحقق إمكان التسليم، وسواء كانت المسافة قريبة أم بعيدة (وإن لم يَعْلم فيها) أي: في الغيبة (خبره) أي: المكفول به (لزمه) أي: الكفيل (الدَّيْن من غير إمهال) إذ لا فائدة في الإمهال مع عدم العلم بموضعه.

(فإن) علم موضعه و(مضى) الكفيل إليه (ولم يحضره) أي: المكفول به (إما لتوانٍ، أو لهربه) أي: المكفول به (واختفائه، أو لامتناعه، أو لغير ذلك) كذي سلطان (بحيث تعذَّر إحضاره مع حياته، لزمه) أي: الكفيل (ما عليه من الدَّيْن) لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الزعيمُ غارم" (١)، ولأنها أحد نوعي الكفالة، فوجب الغُرْم بها إذن، كالكفالة بالمال، ولا يسقط عن الكفيل المالُ بإحضار المكفول به بعد الوقت المُسمَّى، نصًّا (٢) (إلا إذا شرط) الكفيل (البراءة منه) أي: من الدَّين، فلا يلزمه، عملًا بشرطه؛ لأنه إِنما التزم الكفالة على هذا الشرط، فلا يلزمه سوى ما اقتضاه التزامه.

(كذا عِوض العين المكفول بها) يلزم الكفيل إذا تعذَّر عليه إحضار


(١) تقدم تخريجه (٨/ ٢٢٥) تعليق رقم (٤).
(٢) انظر الإنصاف (٥/ ٢١٤).