للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن كان بقاؤه) أي: الصوف أو الوبر أو الشعر (أنفع لها، لكونه يقيها الحَرَّ والبرد، لم يَجُزْ جَزُّه، كما لا يجوز أخذ بعض أعضائها) لتعلُّق حق الغير بها.

(ولا يُعطي الجازر شيئًا منها أُجرةً) للخبر (١)، ولأنه بَيْعٌ لبعض لحمها، ولا يصح (بل) يعطيه منها (هَدية، وصَدَقة) لأنه في ذلك كغيره، بل هو أَولى؛ لأنه باشرها، وتاقت نفسُه إليها.

(وله أن ينتفع بجلدها، وجُلِّها (٢)) قال في "الشرح": لا خلاف في جواز الانتفاع بجلودها، وجِلالها، لأن الجلد جزء منها، فجاز للمضحي الانتفاع به كاللحم، وكان علقمة ومسروق يدبغان جلد أضحيتهما، ويصليان عليه (٣).

وعن عائشة قالت: "قلتُ: يا رسولَ اللهِ، قد كانوا ينتفِعُونَ من ضحايَاهُمْ يحملون منها الودكَ، ويتَّخذُون منها الأسْقيةَ، قال: وما ذاك؟ قالت: نَهَيْتَ عن إمساكِ لحوم الأضاحي بعد ثلاث. قال: إنَّما نَهَيْتُكم؛ للدّافَةِ (٤) التي دفَّتْ، فكلوا، وتزَوَّدُوا وتصَدَّقُوا" (٥) - حديث صحيح - ولأنه انتفاع به، فجاز كلحمها (أو يتصدَّق بهما) أي: بالجلد، والجلِّ.


(١) روى البخاري في الحج، باب ١٢٠، ١٢١، ١٢٢، حديث ١٧١٦، ١٧١٧، ١٧١٨، ومسلم في الحج، حديث ١٣١٧، عن علي - رضي الله عنه - قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بُدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها، وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها.
(٢) الجُل: بضم الجيم وفتحها، ما تلبسه الدابة لتُصان به. القاموس المحيط ص/ ٩٧٨ مادة (جلل).
(٣) أخرجه عنهما ابن أبي شيبة (١/ ٤٠٤).
(٤) "الدّافّة: القوم من الأعراب يردون المصر" ا. هـ ش.
(٥) أخرجه مسلم في الأضاحي، حديث ١٩٧١، عن عائشة - رضي الله عنها -.