للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر (١)؛ لأن الدية انما أُجَّلت على العاقلة تخفيفًا، ولا حاجة إلى ذلك في بيت المال.

(فإن تعذَّر) الأخذ من بيت المال إذن (فليس على القاتل شيء؛ لأن الدِّية تلزم العاقلة ابتداء) بدليل أنه لا يُطالب بها غيرهم، ولا يُعتبر تحمّلهم ولا رِضاهم بها، فلا تجب على غير مَن وجبت عليه، كما لو عُدِم القاتل. وعنه (٢): تجب في مال القاتل، قال في "المقنع": وهو أولى، أي: من إهدار دم الأحرار في أغلب الأحوال؛ فإنه لا يكاد توجد عاقلة تحمل الدية كلها، ولا سبيل إلى الأخذ من بيت المال، فتضيع الدماء، والدية تجب على القاتل، ثم تتحمّلها العاقلة، وإن سَلَّمنا وجوبها عليهم ابتداءً لكن مع وجودهم، كما قالوا في المرتد: يجب أرْش خطئه في ماله؛ لأنه لا عاقلة له تحملها.

(وإن رمى ذميٌّ) صيدًا، ثم تغيَّر دِينُه (أو) رمى (مسلم صيدًا ثم تغيَّر دِينه، ثم أصاب السهمُ آدميًّا فقتله، فالدية في ماله) لأنه قتيل في دار الإسلام، معصوم، تعذَّر حَمْل عاقلته عَقْله، فوجب على قاتله، ولا


= وأخرجه البخاري في الأدب، باب ٨٩، حديث ٦١٤٢ - ٦١٤٣، ومسلم في القسامة، حديث ١٦٦٩ (١ - ٢)، من حديث سهل بن أبي حَثْمة، ورافع بن خديج - رضي الله عنهم -. والأنصاري هو عبد الله بن سهل الذي قُتل بخيبر. انظر ما يأتي (١٣/ ٤٧٦) تعليق رقم (٢، ٣).
(١) أخرج عبد الرزاق (١٠/ ٥١) رقم ١٨٣١٧، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود: أن رجلًا قُتل في الكعبة، فسأل عمر عليًّا، فقال: من بيت المال. وأخرجه ابن أبي شيبة (٩/ ٣٩٥) وابن حزم في مختصر الإيصال الملحق بالمحلى (١٠/ ٤٦٨)، عن إبراهيم النخعي: أن رجلًا قتل في الطواف، فاستشار عمر الناس، فقال علي: ديته على المسلمين أو في بيت المال.
(٢) المحرر في الفقه (٢/ ١٤٨ - ١٤٩).