للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ويأتي بالنية عند تكبيرة الإحرام) إما مقارنة لها؛ أو متقدمة عليها بيسير، ومقارنتها للتكبير بأن يأتي بالتكبير عقب النية، وهذا ممكن لا صعوبة فيه، بل عامة الناس إنما يصلون هكذا.

وأما تفسير المقارنة: بانبساط أجزاء النية على أجزاء التكبير، بحيث يكون أولها مع أوله وآخرها مع آخره، فهذا لا يصح؛ لأنه يقتضي عزوب النية عن أول الصلاة، وخلو أول الصلاة عن النية الواجبة، وتفسيرها بحضور جميع النية مع حضور جميع أجزاء التكبير، فهذا قد نوزع في إمكانه فضلًا عن وجوبه، ولو قيل بإمكانه فهو متعسر، فيسقط بالحرج.

وأيضًا فمما يبطل هذا والذي قبله، أن المكبر ينبغي له أن يتدبر التكبير، ويتصوره، فيكون قلبه مشغولًا بمعنى التكبير لا بما يشغله عن ذلك من استحضار المنوي، ذكره في "الاختيارات" (١).

(والأفضل مقارنتها) أي النية (للتكبير) خروجًا من خلاف من أوجبه، كالآجري، وغيره.

(فإن تقدمت) النية (عليه) أي التكبير (بزمن يسير بعد دخول الوقت في أداء وراتبة، ولم يفسخها) أي النية، وكان ذلك (مع بقاء إسلامه) بأن لم يرتد (صحت) صلاته؛ لأن تقدم النية على التكبير بالزمن اليسير لا يخرج الصلاة عن كونها منوية، ولا يخرج الفاعل عن كونه ناويًا مخلصًا كالصوم.

ولأن النية من شروط الصلاة، فجاز تقدمها كبقية الشروط.

ولأن في اعتبار المقارنة حرجًا ومشقة؛ فوجب سقوطه لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢).


(١) الاختيارات الفقهية ص/ ٧٥.
(٢) سورة الحج، الآية: ٧٨.