للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أو) أي: ويحرم أن يستعين في حَرْبهم (بمن يرى قَتْلهم مُدْبِرين) لما فيه من التسليط له على قتل من لا يجوز قتله (إلا لضرورة) كأن يَعجِزَ أهل العدل عن قتالهم لقلّتهم، فيجوز للحاجة، كفعلهم إن لم نفعله (وله) أي: الإمام (أن يَستعين عليهم بسلاح أنفُسِهم وكُراعِهم -وهو خيلهم- عند الضرورة فقط) كأكل مال الغير عند المخمصة.

(ولا يجوز) الاستعانة عليهم بسلاح أنفُسِهم وخيلهم (في غير قتالهم) لأن الإسلام عصم أموالهم، وإنما أُبيح قتالهم لردّهم إلى الطاعة، فيبقى المال على العصمة، كمال قاطع الطريق.

(ومتى انقضتِ الحربُ، وجب ردُّه) أي: سلاح البُغاة (١) (إليهم كسائر أموالهم) لأن أموالهم كأموال غيرهم من المسلمين، فلا يجوز اغتنامها؛ لأن ملكهم لم يزل عنها بالبغي، وقد رُوي أن عليًّا قال يوم الجمل: مَن عَرفَ شيئًا من مالهِ مع أحدٍ، فليأخُذهُ، فعرف بعضهم قِدْرًا مع أصحاب علي وهو يطبخ فيها، فسأله إمهاله حتى يَنْضَجَ الطبخ، فأبى وكبّه وأخذها (٢).

(والمراهق منهم) أي: البغاة (والعبد، كالخيل) يجوز الاستعانة بها (٣) عليهم عند الضرورة فقط، ويُرَدَّان بعد الحرب.


(١) في "ح" و"ذ": "سلاح البغاة وخيلهم".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٥/ ٢٨٦ - ٢٨٧)، من طريق عمرو بن قيس، عن زيد بن وهب ضمن قصة. وأخرج سعيد بن منصور في سننه (٢/ ٣٦٧) رقم ٢٩٥٢، والبيهقي (٨/ ١٨٢ - ١٨٣)، من طريق أبي إسحاق الشيباني عن عرفجة عن أبيه، أنَّ عليًّا جاء بما كان من رِثة أهل النهر فوضعه في الرحبة، فقال: من عرف شيئًا فليأخذه. فجعل الناس يأخذون حتى بقيت قدر حينًا، حتى جاء رجل فأخذها.
وانظر: التلخيص الحبير (٤/ ٤٧).
(٣) في "ح" و"ذ": "بهما".