كطبَّاخ استؤجر لطبخ شيء في بيت المستأجِر، فطبخه وفرغ منه، وبدفع غيره أي: غير ما بيد مستأجِر، كما لو اتفقا على أن الطباخ يطبخ ما استؤجِر على طبخه في داره، فيستحق الأجرة عند إتيانه إلى المستأجِر معمولًا؛ لأنه في الحالتين قد سَلَّم ما عليه، فاستحَق تسليم عوضه، وهو الأجرة. انتهى. وهو معنى كلامه في "المبدع".
ومحل وجوب تسليم الأجرة (إن لم تؤجَّل) فإن أُجِّلت لم يجب بذلها حتى تحل، كالثمن والصداق.
(ولا يجب تسليم أجرة العمل في الذمة حتى يتسلَّمه) المستأجر، وإن وجبت بالعقد، وعلى هذا وردت النصوص ولأن الأجير إنما يوفَّى أجرَه إذا قضى عمله؛ لأنه عوض، فلا يستحق تسليمه إلا مع تسليم المعوَّض، كالصَّداق والثمن، وفارق الإجارة على الأعيان؛ لأن تسليمها أجري مجرى تسليم نفعها، ومتى كانت على عمل في الذمة لم يحصُل تسليم المنفعة، ولا ما يقوم مقامها.
(وتستقر) الأجرة (بمضي المدَّة) حيث سلِّمت إليه العين التي وقعت الإجارة عليها، ولا حاجز له عن الانتفاع، ولو لم ينتفع؛ لأن المعقود عليه تلف تحت يده وهو حقه، فاستقر عليه بدله، كثمن المبيع إذا تلف في يد المشتري.
(أو) أي: وتستقر الأجرة -أيضًا- (بفراغ العمل) هكذا في "التنقيح"، والمراد أن كان الأجير يعمل ببيت المستأجر، وإلا؛ فبتسليمه معمولًا، كما تقدم.
وتستقر الأجرة -أيضًا- ببذل تسليم عين لعمل في الذِّمة، إذا مضت مدة يمكن الاستيفاء فيها؛ كما لو قال: اكتريتُ منك هذه الدابة