للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشهر، ولا يُقَلِّد غيره. وقيل: بلى، وقيل: ضرورة.

(ولا يجوز له) أي: للمفتي (ولا لغيره، تتبُّع الحِيل المُحَرَّمة والمكروهة، ولا تتبُّع الرُّخَص لمن أراد نفعه، فإنْ تتبَّع ذلك) أي: الحِيُل المكروهة والمُحَرَّمة والرُّخَص (فَسَقَ وحَرُمَ استفتاؤه. وإن حسن قصْدُه) أي: المفتي (في حيلة جائزة لا شُبهة فيها ولا مفسدة، ليتخلَّصَ المستفتي بها من حَرَجٍ؛ جاز، كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالًا رضي الله عنه إلى بيع التمر بدراهم، ثم يشتري بالدراهم تمرًا آخر، فيتخلَّص من الربا (١)) بذلك، وهذا إذا كان قَبَض الدراهم، أو اشترى في ذمته بدراهم من جنس الأولى وعلى صفتها، فتحصل المقاصَّة، ويتخلص من الربا، وأما إذا اشترى بعين تلك الدراهم قبل قبضها مما يشاركَه في العلة فلا، كما تقدم (٢) في البيع.

(وإذا استفتى واحدًا، أخذ) المستفتي (بقوله، ويلزمه) الأخذ بقوله (بالتزامه) قال في "شرح التحرير" (٣): لو أفتى المقلدَ مُفْتٍ واحد، وعمل به المقلّد؛ لزمه قطعًا، وليس له الرجوع عنه إلى فتوى غيره في تلك الحادثة بعينها، إجماعًا؛ نقله ابن الحاجب (٤) والهندي (٥) وغيرهما. وإن لم يعملْ به، فالصحيح من المذهب أنه يلزمه بالتزامه. قال ابن مفلح في "أصوله" (٦): هذا الأشهر.


(١) تقدم تخريجه (٨/ ٤٦) تعليق رقم (١).
(٢) (٧/ ٣٧٩، ٤٩٢).
(٣) التحبير شرح التحرير (٨/ ٤٠٩٥ - ٤٠٩٦).
(٤) مختصر ابن الحاجب (٢/ ٣٠٩).
(٥) نهاية الوصول في دراية الأصول (٩/ ٣٩١٩).
(٦) أصول الفقه (٣/ ١٥٦٥).