للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.............. … ولا يظلمون الناسَ حَبَّةَ خَرْدل

أي: لا يظلمونهم شيئًا، و (لا) يحنث (بأقل) من ذلك (كقعود في ضوء نارِه وظلِّ حائطه) لأن لفظه لا يتناوله، وكذلك النية أو السبب.

(أو حلف لا يأوي مع زوجته في دار سمَّاها؛ يريد جفاءَها، فينعُمُّ جميعَ الدُّور، أو) حلف (لا يَلبسُ غَزْلها، يريد قَطْع مِنَّتها، كما يأتي قريبًا) وكذا لو دَلَّ عليه السبب كما يأتي.

(ومِن شَرْطِ انصرافِ اللَّفْظِ إلى ما نواه: احتمالُ اللفظِ له -كما تقدم- فإن نوى ما لا يحتمِلُه) لفظه (مثل: أن يحلِفَ: لا يأكل خبزًا، يعني به: لا يدخل بيتًا، لم تنصرف اليمين إلى المنويِّ) لأنها نيَّة مجردة لا يحتملها لفظه، أشبه ما لو نوى ذلك بغير يمين.

(فإن لم ينوِ شيئًا، لا ظاهر اللفظ ولا غيره، رُجع إلى سبب اليمين وما هَيَّجَها) أي: أثارها؛ لدلالة ذلك على النية، فأُنِيط الحكم به.

(فلو حلف: ليقضينَّه حَقَّه غدًا، فقضاه) حقّه (قبلَه، لم يحنثْ إذا قصد ألا يجاوزَه) أي: الغد (أو كان السببُ يقتضي التعجيل قبل خروج الغَدِ) لأن مقتضى اليمين تعجيل القضاء؛ ولأن السبب يدلُّ على النية.

(فإن عُدما) أي: النية وسبب اليمين (لم يَبَرَّ (١) إلا بقضائه) حقَّه (في الغد) فإن عجَّله قبله؛ حَنِث، كما لو أخَّره عنه؛ لأنه ترك فعل ما تناوله يمينه لفظًا، ولم يصرفها عنه نية ولا سبب، كما لو حلف: ليصومنَّ شعبان، فصام رجب (وكذا) لو حلف: (لآكلنَّ شيئًا غدًا، أو:


= ترجمته (١٤/ ١١٢) تعليق رقم (٤).
انظر: الشعر والشعراء (١/ ٣٣١)، والعقد الفريد (٣/ ١٧، ٥/ ٣١٨)، وزهر الآداب (١/ ١٩ - ٢٠)، والعمدة لابن رشيق (١/ ٥٢)، وخزانة الأدب (١/ ٢٣١ - ٢٣٢).
(١) في "ذ" ومتن الإقناع (٤/ ٣٥٢): "لم يبرأ".