للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في "الاختيارات" (١): "وما قاله أبو العباس ظاهرٌ، إنْ قلنا: إنَّ النِّكاح سُنَّةٌ، فإن قلنا: إنه لا يَقَع إلَّا فَرضَ كفايةٍ -كما قال أبو يعلى الصغيرُ وابن المنِّيِّ (٢) في "تعليقِهما"- فقد تعارضَ فرضَا كفايةٍ، ففيه نظرٌ. وإن قلنا: إن النِّكّاحَ واجبٌ؛ قَدَّمه؛ لأنَّ فروضَ الأعيانِ مقدَّمةٌ على فروضِ الكفايات".

(ولا يكتفي في) الخروجِ من عُهدَةِ (الوجوب بمرَّةٍ واحدةٍ، بل يكون) التزوُّج (في مجموعِ العمرِ) لتندفعَ خشيةُ الوقوع في المحظور.

(ولا يكتفى) في الامتثال (بالعقد فقط، بل يجب الاستمتاعُ) لأنَّ خشيةَ المحظورِ لا تندفع إلَّا به.

(ويجزئ تَسَرٍّ عنه) لقوله تعالى: {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ} (٣).

(ومَن أمرَه به والداه، أو) أمره به (أحدهما، قال أحمد (٤): أمرته أن يتزوَّجَ) لوجوبِ بِر والديه.

قال في "الفروع": والذي يحلفُ بالطلاق: لا يتزوَّجُ أبدًا، إن أمره


(١) ص / ٢٩٢، والقائل هو علاء الدين علي بن محمَّد البعلي مؤلف الاختيارات.
(٢) هو الشَّيخ الفقيه الزَّاهد، أبو الفتح، نصر بن فتيان بن مطر النهرواني، المعروف بابن المني، تفقَّه على أبي بكر الدينوري، ولازمه حتَّى برع في الفقه، وتقدم على أصحابه، وصرف همته طول عمره إلى الفقه، أصولًا وفروعًا، ومذهبًا وخلافًا، واشتغالًا وإشغالًا، ومناظرة، وطال عمره، وبعد صيته، وتخرج به أئمة كثيرون، منهم: الإمام موفق الدين المقدسي، والحافظ عبد الغني، وناصح الدين ابن الحنبلي، وغيرهم. توفي سنة (٥٨٣ هـ) رحمه الله تعالى. انظر: الذيل على طبقات الحنابلة (١/ ٣٨٥).
(٣) سورة النساء، الآية: ٣.
(٤) مسائل صالح (١/ ٢٤٨) رقم ١٨٩، ومسائل أبي داود ص / ١٦٩.