للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المصالح الراجح أحدُها على نفل العبادة.

القسم الثاني: ذكره بقوله: (ويباحُ) النِّكاحُ (لمن لا شهوةَ له) كالعِنِّين والمريض والكبير؛ لأنَّ العلةَ التي لها يجبُ النِّكاحُ أو يستحبُّ -وهو خوفُ الزنى أو وجودُ الشهوة- مفقودةٌ فيه؛ ولأن المقصودَ من النِّكاح الولدُ وهو في من لا شهوةَ له غيرُ موجود؛ فلا ينصرفُ إليه الخطابُ به، إلَّا أن يكونَ مباحًا في حقّه كسائرِ المباحات؛ لعدم مَنْعِ الشرع منه، وتخلِّيه إذًا لنوافل العبادة أفضلُ؛ لمنع من يتزوَّجُها من التحصينِ بغيره، ويضرُّها بحبسِها على نفسه، ويُعَرِّضُ نفسه لواجباتٍ وحقوقٍ لعلَّهُ لا يقومُ بها، ويشتغلُ عن العلم والعبادة بما لا فائدةَ فيه.

القسم الثالث: ما أُشيرَ إليه بقوله: (ويجبُ على من يخافُ الزنى) بتركِ النِّكاح (من رجلٍ وامرأةٍ) سواءٌ كان خوفُه ذلك (عِلمًا أو ظنًّا) لأنَّه يلزمُه إعفاف نفسِه، وصرفُها عن الحرام، وطريقُه النِّكاحُ (ويقدَّمُ حينئذ) وَجَبَ (١) (على حجٍّ واجبٍ، نصًّا (٢)) لخشية الوقوع في المحظور بتأخيره، بخلافِ الحجِّ.

قال أبو العباس (٣): وإن كانت العباداتُ فرض كفايةٍ، كالعلمِ والجهادِ؛ قُدِّمت على النِّكاح؛ إذا لم يَخشَ العَنَتَ.


= -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حجوا تستغنوا، وسافروا تصحوا، وتناكحوا تكثروا؛ فإني أباهي بكم الأمم". وضعف إسناده العراقي في المغني عن حمل الأسفار (٢/ ٢٢). والحديث له شاهد قوي عن أنس - رضي الله عنه - ويأتي (١١/ ١٤٦) تعليق رقم (١).
(١) كذا ضُبطت في الأصل، وفي "ذ": "وجوبًا".
(٢) انظر: مسائل صالح (١/ ٢٦٥) رقم ٢٠٤، وطبقات الحنابلة (١/ ٢٣).
(٣) الاختيارات الفقهية ص / ٢٩١ - ٢٩٢.