للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن قتل القملة في المسجد أبيح دفنها فيه إن كان) المسجد (ترابًا ونحوه) كالحصى, والرمل، لأنه لا تقذير فيه، وهي طاهرة، على ما تقدم. قال في "المبدع": وظاهره: أنه يباح قتلها فيه، وهو المنصوص، وعليه أن يخرجها ويدفنها (١). قيل للقاضي: يكره قتلها ودفنها فيه كالنخامة؟ فقال: دفن النخامة كفارة لها، فإذا دفنها كأنه لم يتنخم، فكذا القملة، وفيه نظر، لأن أعماقه تجب صيانتها عن النجاسة، كظاهره بخلافها اهـ. وهذا النظر إنما يتم على القول بنجاسة ميتة ما لا نفس له سائلة، والمذهب طهارتها فلا يتأتى التنظير.

(فإن طال عرفًا فعل فيها) أي في الصلاة، وكان ذلك الفعل (من غير جنسها غير متفرق أبطلها) إجماعًا، قاله في "المبدع" (عمدًا، كان أو سهوًا) أو جهلًا؛ لأنه يقطع الموالاة، ويمنع متابعة الأركان، ويذهب الخشوع فيها، ويغلب على الظن أنه ليس فيها، وكل ذلك مناف لها، أشبه ما لو قطعها (ما لم تكن ضرورة) فإن كانت (كحالة خوف، وهرب من عدو ونحوه) كسيل، وسبع, ونار، لم تبطل إلحاقًا له بالخائف (وعد) أبو الفرج عبد الرحمن (ابن الجوزي من الضرورة إذا كان به حك لا يصبر عنه).

وعلم مما تقدم: أن العمل المتفرق لا يبطل الصلاة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - "أم الناس في المسجد فكان إذا قام حمل أمامة بنت زينب، وإذا سجد وضعها" رواه مسلم (٢)، وللبخاري (٣) نحوه. و"صلَّى - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وتكرر صعوده ونزوله


(١) في هامش الأصل: "أي أو . . ."، وفي "ح": "أو يدفنها".
(٢) في المساجد، حديث ٥٤٣.
(٣) في الصلاة, باب ١٠٦، حديث ٥١٦، والأدب، حديث ٥٩٩٦.