للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا يصحُّ استثناء ما زاد على النصف) لما تقدم (١) (ويصحُّ) الاستثناء (في النصف) لأنه ليس بالأكثر (و) يصح الاستثناء -أيضًا- فيـ (ـما دونه) أي: النصف، قال في "المبدع": لا نعلم فيه خلافًا؛ لأنه لغةُ العرب، قال تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} (٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الشهيدُ تُكفَّر عنه خطاياه كلُّها إلا الدَّيْن" (٣)؛ ولأن الاستثناء يمنع أنْ يدخل المستثنى في الإقرار، إذْ لولاه لدخل، ولا يرفع ما ثبت؛ لأن الكلام كله كالشيء الوحد.

(فإذا قال: له عليَّ هؤلاء العبيدُ العشرة إلا واحدًا، لزمه تسليمُ تسعةٍ) لأنه استثنى الأقل، ويُرجع في تعيين المُستثنى إليه؛ لأنه أعلم بمُرَاده، وكذا: غصبته هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدًا (فإن ماتوا) أي: العبيد (أو قُتلوا، أو غُصِبُوا إلا واحدًا، فقال) المُقِر: (هو المُستثنى؛ قُبِل قوله) لأنه يحتمل ما قاله، وكما لو تلفوا بعد تعيينه.

(و) إن قال: (له هذه الدار إلا هذا البيت، أو) قال: (هذه الدار له، وهذا البيت لي؛ قُبل منه) لأن الأول استثناء (٤) البيت من الدار، والثاني في معنى الاستثناء؛ لكونه أخرج بعض ما تناوله اللفظ بكلام متصل (ولو كان) البيت (أكثرها) أي: أكثر الدار. وإن قال: له الدار (إلا ثلثيها) ونحوه، مما الاستثناء فيه أكثر من النصف (لم يصحَّ) الاستثناء؛ لأنه أكثر


(١) (١٥/ ٣٩٣).
(٢) سورة العنكبوت، الآية: ١٤.
(٣) أخرجه مسلم فى الإمارة، حديث ١٨٨٦ (١٩٩)، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بلفظ: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين". وأخرج مسلم -أيضًا- في الإمارة، حديث ١٨٨٥، عن أبي قتادة رضي الله عنه، نحوه.
(٤) في "ذ": "استثنى".