للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الطحاوي (١): وهو الصحيح من مذهبنا. وأما كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يقمها هو ولا أحد من الصحابة في أكثر من موضع، فلعدم الحاجة إليه؛ ولأن الصحابة كانوا يؤثرون سماع خطبته، وشهود جمعته، وإن بعدت منازلهم؛ لأنه المبلغ عن الله تعالى.

(وكذا العيد) تجوز إقامتها في أكثر من موضع من البلد للحاجة؛ لما سبق.

(فإن حصل الغنى بـ)ــجمعتين (اثنتين، لم تجز) الجمعة (الثالثة) لعدم الحاجة إليها (وكذا ما زاد) أي إذا حصل الغنى بثلاث، لم تجز الرابعة، أو بأربع، لم تجز الخامسة، وهكذا.

(ويحرم) إقامة الجمعة، والعيد بأكثر من موضع من البلد (لغير حاجة) قال في "المبدع": لا نعلم فيه خلافًا إلا عن عطاء، وهو معنى كلامه في "الشرح".

(و) يحرم (إذن أمام فيها) أي في إقامة ما زاد على واحدة (إذًا) أي: عند عدم الحاجة إليه، وكذا الإذن فيما زاد على قدر الحاجة.

(فإن فعلوا) أي أقاموا الجمعة في موضعين فأكثر، مع عدم الحاجة، (فجمعة الإمام التي باشرها، أو أذن فيها، هي الصحيحة)؛ لأن في تصحيح غيرها افتياتًا عليه، وتفويتًا لجمعته، وسواء قلنا: إذنه شرط أو لا (وإن) أي: ولو (كانت) جمعة الإمام (مسبوقة) لما تقدم.


(١) قال ابن هبيرة في الإفصاح (١/ ١٧٣): قال الطحاوي: والصحيح من مذهبنا أنه لا يجوز إقامة الجمعة في أكثر من موضع واحد في المصر، إلا أن يشق الاجتماع لكبر المصر، فيجوز في موضعين، وإن دعت الحاجة إلى أكثر جاز. وانظر المبسوط للسرخسي (٢/ ١٢٠).