للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحابة لم يقتلوهم حسين فتحوا البلاد؛ ولأنهم لا يقاتلون، أشبهوا الشيوخ والرهبان، وفي "الإرشاد": وحَبْر.

(لا رأي لهم) فمن كان من هؤلاء ذا رأي - وخصَّه في "الشرح" بالرجال، وفيه شيء، قاله في "المبدع" - جاز قتله؛ لأن دريد بن الصِمَّة قُتل يوم حنين، وهو شيخ لا قتال فيه؛ لأجل استعانتهم برأيه، فلم ينكر - صلى الله عليه وسلم - قتله (١)، ولأن الرأي من أعظم المعونة على الحرب، وربما كان أبلغ في القتال، قال المتنبي (٢):

الرأيُ قبل شجاعة الشُّجعان … هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني

فإذا هما اجتمعا لنفسٍ مُرَّةٍ … بَلَغَتْ من العلياء كلَّ مكان

ولربما طَعن الفتى أقرانه … بالرأي قبل تطاعن الفُرْسان

(إلا أن يقاتلوا) فيجوز قتلهم بغير خلاف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَتَلَ يوم قُرَيْظة (٣) امرأةً ألقَتْ رحًى على محمود بنِ مسلمة (٤)، وروى ابن عباس:


= رقم ٢٦٢٥، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٨٣)، والبيهقي (٩/ ٩١).
(١) أخرجه البخاري في المغازي، باب ٥٥، حديث ٤٣٢٣، ومسلم في فضائل الصحابة، حديث ٢٤٩٨ عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.
(٢) ديوانه ص/ ٤١٤.
(٣) في "ح": "يوم بني قريظة".
(٤) أخرج أبو داود في الجهاد، باب ١١١، حديث ٢٦٧١، والطبري في تاريخه (٢/ ٥٨٩)، وأحمد (٦/ ٢٧٧)، والحاكم (٣/ ٣٥)، والبيهقي (٩/ ٨٢)، وابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ١٤١)، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لم يقتل من نسائهم - تعني بني قريظة - إلا امرأة, إنها لعندي تحدث، تضحك ظهرًا وبطنًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتل رجالهم بالسيوف، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا، قلت: وما شأنك؟ قالت: حَدَث أحدثته. قالت: فانطلق بها، فضُربت عنقُها، فما أنسى عجبًا منها أنها تضحك ظهرًا وبطنًا وقد علمت أنها تُقتل. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. =