للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَحلته، أو قذر محله (و) نقل (أنقاضه إلى مثله، إن احتاجها) مثله. واحتج الإمام بأن ابن مسعود - رضي الله عنه - "قد حَوَّلَ مسجد الجامع من التَّمَّارين أي بالكوفَة" (١).

(وهو) أي: نقل آلاته وأنقاضه إلى مثله (أولى من بيعه) لبقاء الانتفاع من غير خلل فيه، وعُلم من قوله: "إلى مثله" أنه لا يعمر بآلات المسجد مدرسة ولا رباط، ولا بئر، ولا حوض، ولا قنطرة، وكذا آلات كل واحد من هذه الأمكنة لا يُعمر بها ما عداه؛ لأن جعلها في مثل العين ممكن فتعيَّن؛ لما تقدم؛ قاله الحارثي.

(ويصير حكم المسجد) بعد بيعه (للثاني) الذي اشتُري بدله، وأما إذا نُقلت آلته من غير بيع، فالبقعة باقية على أنها مسجد. قال حرب (٢): قلت لأحمد: رجل بنى مسجدًا، فأذن فيه، ثم قلعوا هذا المسجد، وبنوا مسجدًا آخر في مكان آخر، ونقلوا خشب هذا المسجد العتيق إلى ذلك المسجد؟ قال: يَرِمُّوا هذا المسجد الآخر العتيق ولا يُعطِّلوه. قال الحارثي: فلم يمنع النقل منع البيع، وإخراج البقعة عن كونها مسجدًا.

(ويصح بيع بعضه) أي: الوقف (لإصلاح ما بقي) منه، لأنه إذا جاز بيع الكُلِّ عند الحاجة، فبيع البعض مع بقاء البعض أولى (إن اتَّحد الواقف، كالجهة) الموقوف عليها (إن كان) الموقوف (عينين) على جهة واحدة من واقف واحد، فتُباع إحداهما لإصلاح الأخرى؛ لما تقدَّم (أو) كان الموقوف (عينًا) فيجوز بيع بعضها لإصلاح باقيها؛ لما تقدَّم


(١) أخرجه صالح في مسائله (١/ ٢٩٥، ٣/ ٣٤) رقم ٢٤١، ١٢٧٣، والطبراني في الكبير (٩/ ١٩٢) رقم ٨٩٤٩، وانظر: كتاب الوقوف من الجامع للخلال (٢/ ٦١٣ - ٦٢٥) رقم ٢٨٩ - ٣٠٧.
(٢) انظر: مسائل ابن هانئ (١/ ٦٨، ٦٩) رقم ٣٣١، ٣٤٣.