للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وتصح) الصلاة (خلف من خالف في فرع لم يفسق به) أي بمخالفته فيه، كالصلاة خلف من يرى النكاح بلا ولي؛ لفعل الصحابة والتابعين مع شدة الخلاف، ولم ينقل عن أحد منهم أنه ترك الصلاة خلف من خالفه في شيء من ذلك.

(ومن فعل ما يعتقد تحريمه في غير الصلاة مما اختلف فيه، كنكاح بلا ولي، وشرب نبيذ ونحوه، فإن داوم عليه فسق) بالمداومة (ولم يُصلّ خلفه) لفسقه. (وإن لم يداوم) عليه (فقال الموفق) والشارح: (هو من الصغائر، ولا بأس بالصلاة خلفه) لأن الفسق لا يحصل بالصغيرة، بل بالمداومة عليها كما تقدم ويأتي. قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (١).

وقال الشيخ تقي الدين (٢): لو فعل الإمام ما هو محرم عند المأموم دونه مما يسوغ فيه الاجتهاد، صحت صلاته خلفه، وهو المشهور عن أحمد.

(ولا إنكار في مسائل الاجتهاد) (٣) على من اجتهد فيها أو قلد مجتهدًا؛


(١) سورة النساء، الآية: ٣١.
(٢) الاختيارات الفقهية ص/ ١٠٧.
(٣) في هامش "ح" ما نصه: "قال الشيخ في الفتاوى المصرية [الفتاوى الكبرى (٢/ ٤٤٩)]: وإذا كان الرجل متبعًا لأبي حنيفة، أو لمالك، أو الشافعي، أو أحمد، ورأى في بعض المسائل أن مذهب غيره أقوى فاتبعه كان قد أحسن في ذلك، ولم يقدح ذلك في دينه، ولا عدالته، بلا نزاع. بل هذا أولى بالحق، وأحب إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ممن تعصب لواحد معين غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، كمن تعصب لمالك، والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي اتباعه دون قول الإمام الذي خالفه. فمن فعل هذا كان جاهلًا ضالًا، بل قد يكون كافرًا".