للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحكمة في تقديم ذِكْر الوصية في الآية قبل الدَّين، أنها (١) لمَّا أشبهت الميراث في كونها بلا عوض، فكان في إخراجها مشقة على الوارث، فقُدِّمت حثًّا على إخراجها. قال الزمخشري (٢): ولذلك جيء بكلمة "أو" التي للتسوية. أي: فيستويان في الاهتمام وعدم التضييع، وإن كان مقدمًا عليها. وقال ابن عطية (٣): الوصية غالبًا تكون لضعاف، فقوي جانبها بالتقديم في الذِّكْر؛ لئلا يُطمع ويُتساهل فيها بخلاف الدَّين. وتقدَّم (٤) أن مؤنة التجهيز تُقدَّم مطلقًا.

(فإن وصَّى معها) أي: الواجبات (بتبرُّع؛ اعتُبر الثلث من الباقي بعد إخراج الواجب، كمن تكون تَرِكته أربعين، فوصَّى (٥) بثلث ماله، وعليه دَيْن عشرة، فتخرج العشرة أولًا، ويدفع إلى الموصَى له عشرة، وهي ثلث الباقي بعد الدَّين) لما تقدم من تقديمه عليها.

(وإن لم يَفِ ماله) أي: الميت (بالواجب الذي عليه، تحاصُّوا) أي: وزِّع ما تركه على جميع الديون بالحصص، سواء كانت دَيْن آدمي، أو لله، أو مختلفة.

(والمُخرِج لذلك) أي: الواجبات والتبرُّعات (وصيُّه) إن كان (ثم وارثه) إن كان أهلًا (ثم الحاكم) إن لم يكن وارث، أو كان صغيرًا، ولا وصي له، أو أبى الوارث إخراجه.


(١) في "ذ": "لأنها".
(٢) الكشاف عن حقائق التنزيل (١/ ٣٧٣).
(٣) المحرر الوجيز (٣/ ٥١٧ - ٥١٨).
(٤) (٤/ ١٠٢).
(٥) في "ذ" و"ح" ومتن الإقناع (٣/ ١٤٠): "فيوصى".