للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فهذه المسائل الثلاث): إن الله (١) قد طلقك، و: فرَّق الله بيني وبينك في الدنيا والآخرة، و: أبرأك الله (الحكم فيها سواء، ونظير ذلك: إن الله قد باعَكَ) في إيجاب البيع (أو: قد أقالَكَ) في الإقالة (ونحو ذلك) كـ: إنَّ الله قد أجَرك، أو وهبك، والبراءة فيما تقدم صحيحة، ولو جهلت ما أبرأت منه، على ما تقدم (٢) في الهبة من صحة البراءة من المجهول.

(والكناية -ولو ظاهرةً- لا يقع بها طلاق إلا أن ينويه) لأن الكناية لما قَصَرت رتبتها عن الصريح، وقف عملها على نية الطلاق تقويةً لها؛ ولأنها لفظ يحتمل غير معنى الطلاق، فلا يتعيَّن له بدون النية (بنيةٍ مقارنةٍ للفظ) أي: يشترط أن تكون النية مقارنة للفظ الكناية، فلو تلفَّظ بالكناية غير ناوٍ للطلاق، ثم نوى بها الطلاق بعد ذلك؛ لم يقع، كما لو نوى الطهارة بالغسل بعد فراغه منه، وقيل: يعتبر أن تقارن أوله، قدَّمه في "المحرر"، وقَطَع به في "شرح المنتهى"، فلو قارنت الجزء الثاني من الكناية دون الأول لم يقع الطلاق؛ لأن ما بقي لا يصلح للإيقاع بعد إتيانه بالجزء الأول من غير نِيَّة. قال في "الشرح": فإن وُجِدتْ في أوله، وعزبت عنه في سائره؛ وقع؛ خلافًا لبعض الشافعية (٣).

(أو يأتي) مع الكناية (بما يقوم مقام نِيَّة) الطلاق (كحال خصومةٍ، وغضبٍ، وجواب سؤالها) الطلاق (فيقع) الطلاق ممن أتى بكناية إذًا (ولو بلا نِيَّة) لأن دلالة الحال كالنية، بدليل أنها تُغَيّر حكم الأقوال والأفعال، فإنَّ من قال: "يا عفيف ابن العفيف" حال تعظيمه؛ كان


(١) في "ح" و"ذ" "أي إن لله".
(٢) (٨/ ٢٨٨).
(٣) مغني المحتاج (٣/ ٢٨٤).