للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقاءِ التكليف.

(ولا يصحُّ الاعتكاف من رَجُل تلزمُه الصلاةُ جماعة، إلا في مسجد تُقام فيه) الجماعة، فلا يصحُّ بغير مسجد، بلا خلاف؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (١) فلو صحَّ في غيرها، لم تختصَّ بتحريم المباشرة، إذ هي محرَّمة في الاعتكاف مطلقًا. ولأنه - صلى الله عليه وسلم - "كان يُدخِلُ رأسَهُ إلى عائشةَ وهو معتكِفٌ، فتُرَجِّلُهُ" متفق عليه (٢)، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة.

ولا يصحُّ مِمَّن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تُقام فيه؛ حِذارًا مِن ترك الجماعة، أو تكرُّرِ الخروج المنافي له، مع إمكان التحرُّز منه.

وخرج منه المعذورُ، والصبيُّ، ومَن هو في قرية لا يصلي فيها غيرُه؛ لأن الممنوع منه تَركُ الجماعة الواجبة، وهي منتفية هنا (ولو) كانت إقامة الجماعة (مِن رَجُلين) أو رَجُل وامرأة (معتكفَين) لانعقاد الجماعة بهما، فيخرج مِن عهدة الواجب (إن أتى عليه) أي: الرَّجُل الذي تلزمه الصلاة جماعة (فِعلُ الصلاة زمنَ اعتكافه

وإلا) أي: وإن لم يكن المعتكفُ رجلًا تلزمُه الصلاة جماعة، بأن كان امرأة، أو عبدًا، أو صبيًّا، أو معذورًا، أو لم يأتِ عليه زمنَ اعتكافه فِعلُ صلاة، كما لو اعتكف من طلوع الشمس إلى الزوال (صحَّ) اعتكافُه (في كلِّ مسجد) لعموم الآية، والجماعة غير واجبة إذن. وما روى حرب بإسناد جيد عن ابن عباس: "أنه سُئِلَ عن امرَأة


(١) سورة البقرة، الآية: ١٨٧.
(٢) البخاري في الحيض، باب ٢، ٥، حديث ٢٩٦، ٣٠١، وفي الاعتكاف، باب ٢، ٣، حديث ٢٠٢٨، ٢٠٢٩، ومسلم في الحيض، حديث ٢٩٧، عن عائشة - رضي الله عنها -.