للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالجهل (أو رد) الأول؛ جاز؛ لما روت فاطمة بنت قيس: "أنها أتت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت له أن معاوية وأبا جهمٍ خطباها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما معاوية، فصُعلوكٌ لا مال له، وأما أبو جهمٍ، فلا يضع العصا عن عاتقه، انكِحي أسامةَ بن زيد" متفق عليه (١).

(ولو) كان رده (بعد الإجابة) فيجوز للثاني الخطبة؛ لأن الإعراض عن الأول ليس مِنْ قِبَله (أو لم يُرْكَنْ) بالبناء للمفعول (إليه) أي: إلى الأول، وهو بمعنى عدم الإجابة (أو أذن) الأول (له) أي: للثاني في الخطبة؛ جاز؛ لأنه أسقط حقه (أو سَكتَ) الأول (عنه) بأن استأذن الثاني الأولَ، فسكت عنه؛ جاز؛ لأنه في معنى الترك (أو كان) الأول (قد عرَّض لها في العدة) قال في "الاختيارات" (٢): ومن خطب تعريضًا في العدة، أو بعدها، فلا يُنْهى غيره عن الخطبة. (أو ترك) الأول (الخطبة؛ جاز) للثاني أن يخطب؛ لما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتَّى ينكِحَ أو يَتْركَ" وكذا لو لم يعقد الخاطب حتَّى طالت المدة، وتضرَّرت المرأة بذلك، أو زالت ولاية الولي المجيب بموت، أو جنون، أو كانت الإجابة من المرأة، ثم جُنَّت؛ ذكره ابن نصر الله.

(ولا يُكره للولي) المجبِر الرجوع عن الإجابة لغرض (ولا) يُكره (للمرأة) غير المُجبَرة (الرجوع عن الإجابة لغرض) صحيح؛ لأنه عَقْد عُمْرٍ يدوم الضرر فيه، فكان لها الاحتياط لنفسها، والنظر في حظها، والولي قائم مقامها في ذلك (وبلا غرض) صحيح (يُكره) الرجوع منه، ومنها؛ لما فيه من إخلاف الوعد، والرجوع عن القول، ولم يحرم؛ لأن


(١) لم نقف عليه في صحيح البُخَارِيّ، وأخرجه مسلم في الطلاق، حديث ١٤٨٠.
(٢) الاختيارات الفقهية ص / ٢٩٣.