للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يجوز عقدُها؛ لما فيه من الضرر علينا.

(وصفةُ عقدِها: أقررتكم بجزيةٍ واستسلام) أي: انقياد والتزام لأحكامِ الإسلامِ (أو يبذلون ذلك فيقول: أقررتكم على ذلك، ونحوهما) أي: نحو هاتين الصيغتين؛ كقوله: عاهدتكم على أن تقيموا بدارنا بجزية والتزامِ حكمنا، ولا يُعتبر ذِكرُ قَدْرِ الجِزيةِ في العقد.

(فالجِزية) مأخوذة من الجزاء (مال يؤخذ منهم على وجه الصَّغار) بفتح الصاد المهملة، أي: الذِّلة والامتهان (كلَّ عامٍ، بدلًا عن قتلهم وإقامتهم بدارنا) فإنهم لو لم يبذلوها، لم يكفَّ عنهم.

(ولا يجوز عَقدُ الذِّمة المؤبَّدة إلا بشرطين؛ أحدهما: التزام إعطاء الجِزية كلَّ حولٍ، والثاني: التزام أحكام الإسلام؛ وهو قَبول ما يحكم به عليهم من أداء حقٍّ، أو ترك محرَّم) فإن عقد على غير هذين الشرطين، لم يصح؛ لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (١).

قيل: الصَّغار جريان أحكام المسلمين عليهم (٢).

(ولا يجوز عقدها إلا لأهل الكتابين) التوراة والإنجيل، وهم اليهود والنصارى، (ولمن وافقهم) (٣) أي: اليهود والنصارى (في التدين بالتوراة والإنجيل، كالسَّامرة) قبيلة من بني إسرائيل نُسب إليهم السَّامري، ويُقال لهم في زمننا: سَمَرَة، بوزن شجرة، وهم طائفة من اليهود يتشدَّدون في دينهم، ويخالفونهم في بعض الفروع (والفرنج) وهم الروم، ويقال لهم: بنو الأصفر، والأشبه أنها مولَّدة نسبةٌ إلى فَرَنْجة بفتح


(١) سورة التوبة، الآية: ٢٩.
(٢) قاله الشافعي، انظر أحكام القرآن للشافعي (٢/ ٥٩)، وتفسير البغوي (٢/ ٢٨٢)، وتفسير الماوردي (٢/ ٣٥٢).
(٣) في "ذ": "وافقهما".