للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعرفات، فلو كان القطع واجبًا لبيَّنه للجمع العظيم الذي لم يحضر كثير منهم كلامه في المدينة في موضع البيان ووقت الحاجة. لا يقال: اكتفى بما سبق؛ لأنه يقال: فَلِمَ ذكر لبسهما، والمفهوم من إطلاقه لبسهما بلا قَطْع؟!

ويُجاب عن قول المخالف بأن المقيَّد يقضي على المطلق: أن محلَّه إذا لم يمكن تأويله، وعن قوله: إن حديث ابن عُمر فيه زيادة لفظ: بأن خبر ابن عباس وجابر فيهما زيادة حكم جواز اللبس بلا قَطْع، يعتي: أن هذا الحكم لم يُشرع بالمدينة، وهذا أَولى من دعوى النَّسْخ، وبهذا يُجاب عن قول الخطابي (١): "العجب من أحمد في هذا، أي: قوله بعدم القطع؛ فإنه لا يخالف سُنَّة تبلغه". وفيه شيء؛ فإنه قد يخالف لمعارض راجح، كما هو عادة المتبحرين في العلم الذين أيدهم ألله بمعونته في جَمْعهم بين الأخبار.

(وإن لَبِسَ مقطوعًا) من خُفٍّ ونحوه (دون الكعبين مع وجود نَعْل، حَرُمَ) كلبس الصحيح؛ لأن قطعه كذلك لا يخرجه عن كونه مخيطًا (وفدى) للبسه كذلك.

(ويُباح) للمُحْرِم (النعلُ) لمفهوم ما سبق، وهي الحذاء، وهي مؤنثة، وتطلق على التاسومة، قاله في "الحاشية" (ولو كانت) النعل (بِعَقِبٍ وقَيدٍ، وهو السيرُ المُعترضُ على الزمام) للعمومات.

(ولا يعقد) المُحْرِم (عليه شيئًا من مِنطقةٍ، ولا رداء ولا غيرهما) لقول ابن عمر: ولا يعقد عليه شيئًا، رواه الشافعي (٢)، وروى هو ومالك:


(١) معالم السنن (٢/ ١٧٦ - ١٧٧).
(٢) في مسنده "ترتيبه" (١/ ٣١١).