يصلي إلى غير القبلة (ولم يظن جهة غيرها، بطلت صلاته) لأنه لا يمكنه استدامتها إلى غير القبلة، وليست له جهة يتوجه إليها، فبطلت لتعذر إتمامها.
(ولو أُخبر) من يصلي باجتهاد أو تقليد (وهو في الصلاة بالخطأ) في القبلة (يقينًا) وكان المخبر ثقة (لزمه قبوله) بأن يعمل به، ويترك الاجتهاد أو التقليد، كما لو أخبره بذلك قبل اجتهاده أو تقليده (وإلا) أي وإن لم يكن الإخبار عن يقين (لم يجز) للمجتهد قبول خبره ولا العمل به؛ لما تقدم من أنَّه لا يقلد مجتهد مجتهدًا خالفه.
(وإن أراد مجتهد صلاة أخرى) غير التي صلاها بالاجتهاد (اجتهد لها وجوبًا) فيجب الاجتهاد لكل صلاة؛ لأنها واقعة متجددة، فتستدعي طلبًا جديدًا، كطلب الماء في التيمم، وكالحادثة في الأصح فيها لمفت ومستفت.
قلت: فيؤخذ من التعليل الأول: أن المراد صلاة من الفرائض بخلاف النوافل، فلا يلزمه التحرى لكل ركعتين، لو أراد التنفل في وقت واحد، ويؤخذ من التعليل الثاني: أنَّه إذا كان مقلدًا لا يلزمه أن يجدد التقليد لكل صلاة، كما هو مفهوم مجتهد.
(فإن تغير اجتهاده عمل بـ) ـلاجتهاد (الثاني) لأنه ترجح في ظنه، فصار العمل به واجبًا، فيستدير إلى الجهة التي أداه اجتهاده إليها ثانيًا (ولم يعد ما صلى بـ) ـلاجتهاد (الأول) لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد، والعمل بالثاني ليس نقضًا للأول، بل لأنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة، فلم تجز له الصلاة إلى جهة غيرها، ولهذا قال عمر لما قضى في المشركة في العام الثاني بخلاف ما قضى به في الأول:"ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي"(١) إذا
(١) أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ٢٤٩) رقم ١٩٠٠٥، والبيهقي (٦/ ٢٥٥)، وفي معرفة السنن (٩/ ١٤٨).