(ولا يصحّ) الخلع (إلا بعِوض) لأن العوض ركن فيه، فلم يصح تركه، كالثمن في البيع.
(فإن خالعها بغير عوض، لم يقع خُلْع ولا طلاق) لأن الشيء إذا لم يكن صحيحًا، لم يترتَّب عليه شيء، كالبيع الفاسد (إلا أن يكون بلفظ طَلاق، أو نيتهِ، فيقع) طلاقًا (رجعيًّا) لأنه طلاق لا عوض فيه، فكان رجعيًّا كغيره؛ ولأنه يصلح كناية عن الطلاق. فإن لم ينوِ به طلاقًا؛ لم يكن شيئًا؛ لأن الخلع إن كان فسخًا؛ فالزوج لا يملك فسخ النكاح إلا بعيبها.
وكذلك لو قال: فسختُ النكاحَ، ولم ينو به الطَّلاق؛ لم يقع شيء، بخلاف ما إذا دخله العوض؛ فإنه معاوضة، ولا يجتمع العوض والمعوّض.
(ولا يصحّ) الخلع (بمجرَّد بذل المال، وقَبوله) من غير لفظ الزوج؛ لأنه تصرُّف في البُضع بعوض، فلم يصح بدون اللفظ، كالنكاح والطلاق؛ ولأن أخْذَ المال قبضٌ لعِوَض، فلم يقم بمجرَّده مقامَ الإيجاب، كقبض أحد العوضين في البيع.
وأما حديث جميلة التي قال لها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَرُدِّين عليه حديقتَهُ" فقد رواه البخاري (١): "اقْبَلِ الحديقةَ وطلِّقها تطليقةً" وهذا صريح في اعتبار اللفظ، وفي رواية:"فأمرَهُ ففارقَها". ومن لم يذكر الفُرقة فإنما اقتصر على بعض القصة، والزيادة من الثقة مقبولة، ولعل الراوي استغنى بذكر العوض عن ذكر اللفظ؛ لأنه معلوم منه، وعلى هذا
(١) في الطلاق، باب ١٢، حديث ٥٢٧٣ - ٥٢٧٧. وقد تقدم (١٢/ ١٣١).