للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسجد الأقصى لم يُفرض إتيانهما شرعًا، بخلاف المسجدِ الحرام، لا يَمنعُ وجوب الاعتكاف والصلاة فيهما بالنَّذرِ؛ لأن النَّذرَ موجب لما لم يكن واجبًا بأصل الشَّرعِ، وإلحاق غير الثلاثة بها ممتنع؛ لثبوت فضلها على غيرها بالنصِّ.

(فإن عَيَّنَ الأفضلَ منها) وهو المسجدُ الحرام (في نَذرِه، لم يجزئه) الاعتكاف ولا الصلاة (فيما دونه) لعدم مساواته له (وعكسُه بعكسِه) أي: إن عَيَّنَ المفضول منها، أجزأه فيما هو أفضل منه، فمَن عَيَّنَ في نَذرِه مسجدَ المدينة، أجزأه فيه، وفي المسجد الحرام فقط، وإن عَيَّنَ الأقصى، أجزأه في كلِّ مِنْ المساجد الثلاثة؛ لحديث جابر "أنَّ رجُلا قال يوم الفتحِ: يا رسولَ الله، إنِّي نذرتُ إن فتحَ الله عليكَ مكَّةَ، أن أصلِّيَ في بيتِ المقدِسِ، فقال: صَلِّ هَاهُنا، فسأله فقال: صَلِّ هَاهُنا، فسألَهُ فقال: شأنُك إذَن" رواه أحمد وأبو داود (١). ورويا


= حديث ٩٥٠، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢/ ٦١) حديث ٥٩٧، وابن حبان "الإحسان" (٤/ ٤٩٩) حديث ١٦٢٠، وابن عدي (٢/ ٨١٧)، وابن حزم في المحلى (٧/ ٢٩٠)، والبيهقي (٥/ ٢٤٦)، وفي شعب الإيمان (٣/ ٤٨٥) حديث ٤١٤١، ٤١٤٢، وابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٢٥) كلهم من طريق حبيب المعلِّم، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن الزبير - رضي الله عنهما -. قال البزار: اختُلف على عطاء، ولا نعلم أحدا قال: "فإنه يزيد عليه مائة"، إلا ابن الزبير.
قال ابن عبد البر: فأَسند حبيب المعلِّم هذا الحديث وجوَّده ولم يُخلِّط في لفظه ولا في معناه، وكان ثقة. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٤): رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير بنحو البزار، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح.
وصحح إسناده المنذري في الترغيب والترهيب (٢/ ١٧٢) والبوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (٢/ ١٩)، وانظر: علل الدارقطني (٩/ ٣٩٥).
(١) أحمد (٣/ ٣٦٣)، وأبو داود في الأيمان والنذور، باب ٢٤، حديث ٣٣٠٥. وأخرجه - أيضًا - عبد بن حميد (٣/ ١٠) حديث ١٠٠٧، والدارمي في النذور =