للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن كانت الجناية) على الرهن (موجبة للمال، فما قُبض منه) أي: من المال (جُعل) رهنًا (مكانه) أي: مكان المرهون؛ لقيامه مقامه.

(فإن عفا السيد) الراهن (عن المال، صح في حقه) لأنه يملكه (ولم يصح في حق المرتَهِن) لأن الراهن لا يملكه (فيؤخذ من الجاني الأَرْش، فيدفع إلى المرتَهِن) لتعلق حقه به (فإذا انفكَّ الرهن بأداء راهن، أو إبراء) مرتَهِن (رد) المرتَهِن (إلى الجاني ما أخذ منه) من الأَرْش؛ لأنه لا مستحق له غيره.

(وإن استوفاه) أي: استوفى المرتَهِن دَيْنه (من الأرش) الذي أبرأ الراهن الجاني عنه (رجع جانٍ على راهن) لأن ماله ذهب في قضاء دينه، فلزمه غرامته، كما لو استعاره فرهنه.

(وإن وطئ المرتَهِن الجارية المرهونة من غير شُبهة، فعليه الحَدُّ) لأنه حرام إجماعًا (١)؛ إذ لا نكاح، ولا ملك، ولا شبهة (و) عليه أيضًا (المهر) لأنه استوفى المنفعة المملوكة لسيدها بغير إذنه، فكان عليه عوضها، كأَرْش البكارة (وولده رقيق) لأنه لا ملك له فيها، ولا شبهة ملك، أشبه الأجنبي، وهو ملك (للراهن رهنًا مع أُمه) لأنه من جملة نماء الرهن.

(وإن وطئها) مرتَهِن (بإذن راهن، وادَّعى الجهالة، وكان مثله يجهل ذلك، كمن نشأ ببادية، أو) كان (حديث عهد بإسلام، فلا حدَّ) عليه؛ لأن ذلك شُبهة يدرأ بها الحَدّ (ولا مهر) عليه؛ لأنه يجب للسيد بسبب الوطء، وقد أذن فيه، أشبه ما لو أتلفها بإذنه (وولده حُرٌّ) للشُّبهة (لا يلزمه قيمته) بخلاف المغرور؛ لأنه حدث عن وطء مأذون فيه كالمهر.


(١) المحلى لابن حزم (٨/ ١٠٧)، والمغني (٦/ ٤٨٨)، وانظر: الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان (٣/ ١٦٦١).