أعطنيه أَرْكبه، أو أحْمِل عليه، فيسلِّمه) المعير (إليه ونحوه) كـ: استرح على هذه الدابة، وكدفعه الدابة لرفيقه عند تَعَبِه، وتغطيته بكسائه إذا رآه برد؛ لأنها من البِر، فصحَّت بمجرد الدفع، كدفع الصدقة. ومتى ركب الدابة، أو استبقى الكساء عليه، كان ذلك قَبولًا. قال في "الترغيب": يكفي ما دلَّ على الرضا من قول، أو فعل، كما لو سمع من يقول: أردت من يعيرني كذا، فأعطاه كذا؛ لأنها إباحة لا عقد.
(ويُعتبر) -أيضًا- (كونُ المعير أهلًا للتبرُّع شرعًا) لأن الإعارة نوع من التبرُّعِ؛ لأنها إباحة منفعة، فلا يعير مكاتَبٌ، ولا ناظر وقف، ولا ولي يتيم من ماله.
(و) يُعتير -أيضًا- (أهليَّة مستعير للتبرُّع له) بتلك العين، بأن يصح منه قَبولها هبة، فلا تصح إعارة المصحف لكافر.
(وإن شَرَط) المعيرُ (لها) أي: الإعارة (عوضًا معلومًا في) عارية (مؤقتة) بزمن معلوم (صحَّ) ذلك (وتصير إجارةً) تغليبًا للمعنى، كالهبة إذا شُرط فيها ثواب معلوم كانت بيعًا.
(وإن قال: أعرتُك عَبْدي) أو نحوه (على أن تعيرني فرسك) أو نحوه، ففعلا (فإجارةٌ فاسدة غير مضمونة؛ للجَهالة) لأنهما لم يذكرا مدة معلومة، ولا عملًا معلومًا. قال الحارثي: وكذا لو قال: أعرتك هذه الدابة لتعلفها، أو هذا العبد لتمونه. انتهى. وإن عَيّنا المدة والمنفعة، صحت إجارة؛ لما تقدم.